* حارس في إحدى مدارس البنات يُطْلِقُ النّارَ من سِلاحِه على آخر في مدرسة مجاورة؛ أما السبب -بحسب الجهات المختصة- فلكون الأول يُعَاني (مَرضَاَ نَفْسِياً)، هذا ما حصل في (محافظة جدّة) بداية الأسبوع الماضي.
* تلك الحادثة ما هي إلا حلقة من سلسلة أُخْرَى شهدتها ساحتُنَا المحليّة، وكان التبرير الدائم لارتكابها (المرض النفسي)؛ ولعلكم تذكرون في هذا الإطار ذلك الحادث الذي هزّ أركان مجتمعنا، والذي حدث في الرياض سبتمبر 2017م؛ حيث قَتَلَ أحدهم أُمَّهُ دَهْسَا بسيارته، ليقوم أشقاؤه بذبحه في مكان الجريمة انتقاماً لأمِّهم المسكينة.
* مثال آخَر احتضنه شهر يوليو 2017م، وفيه قَام رجل ثلاثيِنِي بِذبح وَالِدتِهِ العجوز التي تجاوز عمرها الثمانين مع شَقِيْقتِهِ واثنين من أطفالها في إحدى المراكز التابعة لمحافظة بَدر بمنطقة المدينة المنورة، لتُظْهِرَ التحقيقات معاناة ذلك الرجُل من هَلْوَسَات نَفْسِيّة.
* الشواهد على تلك الحوادث كثيرة، وقد ترتَّبَ عليه إزهَاق أرواح بريئة لا ذنب لها، ولا أعتقد أن تعليقها على العِلَل النفسيّة كَافِ لإغلاق ملفَاتِها ونسيانها، فهذا ستكون نتيجته -بالتأكيد- تكرارها.
* وهنا ليس بالضرورة أن يكون المريضِ النفسي مشروعاً لمُجْرم، فطبيعة المرض تختلف من شخصٍ لآخَر، ولكن أعتقد أن إهمال علاج بعض المرضى؛ نتيجة لخوف أُسَرِهِم من الفضيحة -إذ تعتقدُ أن ذلك وصمَة عَارِ حَقّها أن تُخْفَى- وهذا قد يُؤدي إلى مضاعفات تَصِل بالمريض لمرحلة الإيذاء، بل وحتى قَتْل نفْسِه ومَن يُحِبّ؛ ولذا لا بد من إطلاق حملات توعوية وتثقيفية مجتمعيّة فَاعِلَة لبيان خطورة الأمراض النفسية، وأهمية المسارعة في التعامل معها طِبْيّاً واجتماعياً.
* أيضاً هناك طائفة مَن الذين يُعانون نفسياً نجدهم يَجُوبُون الطرقات ويسكنون الميادين العامة، وهم في حال يُرثى لها، أولئك قد يصدر عنهم عفوياً، أو لافْتِزَازٍ مَا، بعضَ الممارسات العنيفة، فواجب وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ولجان حقوق الإنسان متابعتهم، وتقديم المأوى والرعاية التي يستحقونها حتى لا يكونوا هم وغيرهم ضَحَايَا لمعاناتهم.
* أخيراً أجزم أن جعْل (الكشف النفسي) شَرطاً للزواج والتوظيف، وقيادة المركبات وغيرها، سيحد من تلك الحَوادث، وسيكشف المرضى، ويساهم في رعايتهم وتقديم العلاج لهم.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
