Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

وماذا بعد القدس؟!

A A
من المؤسف أنّ كثيرًا من شباب الأمة العربية ليس لديهم وعي كافٍ بالقضية الفلسطينية، فلم يعبأ الكثير منهم بمخطط تهويد القدس وتغيير ديمغرافيتها السكانية، خاصة بعد قرار ترامب، فلم يُدركوا أنّ الصهاينة سيحاولون أن تكون القدس بوّابة دخولهم مكة المكرّمة والمدينة المنورّة، لتكون المقدسات الإسلامية الثلاثة تحت سيطرتهم، فمن المعروف أنّ مخطط الصهيونية العالمية تقويض الأديان والسيطرة على العالم، إذ جاء في البروتوكول (14): «حينما نُمكِّن لأنفسنا سنكون سادة الأرض لن نبيح قيام أي دين غير ديننا، أي الدين المعترف بوحدانية الله الذي ارتبط باختياره إيَّانا كما ارتبط به مصير العالم، ولهذا السبب يجب علينا أن نُحطِّم كل عقائد الإيمان؛ وإذ تكون النتيجة المؤقتة لهذا هي إثمار ملحدين -وهذا يُؤكد أنّ الصهيونية العالمية وراء ظاهرة إلحاد بعض الشباب المسلم والمسيحي-، فلن يدخل هذا في موضوعنا: ولكنه سيضرب مثلًا للأجيال القادمة التي ستصغى إلى تعاليمنا على دين موسى الذي وكل إلينا بعقيدته الصارمةـ واجب إخضاع كل الأمم تحت أقدامنا».. وليتسنى لهم تقويض الأديان يسعون للسيطرة على المقدسات الدينية.

ولما كانت الكعبة المشرفة قبلة المسلمين فهم يريدون السيطرة عليها، فبعدما أسقط كتّاب العهد القديم رحلة سيدنا إبراهيم إلى مكة، وابنه إسماعيل وهاجر، لجعل الذبيح إسحاق عليه السلام، فقالوا: «خذ ابنك وحيدك الذي تُحبه إسحاق واذهب إلى أرض المريَّا، واصعده هناك محرقة على أحد الجبال».. وكلمة «ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق» كشفت تزييفهم ، فمعروف أنّ أخاه إسماعيل أكبر منه بـ 14 عامًا، فلم يكن إسحاق الابن الوحيد لإبراهيم، والآن نجد اليهود الصهاينة يُردِّدون مقولة انتحال الإسلام لشخصية إبراهيم اليهودي، مع أنّ الله جل شأنه قال (ما كان إبراهيم يهوديًا ولا نصرانيًا ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين).

وتركيز اليهود الصهاينة في بحوثهم على مقام سيدنا إبراهيم مثلما خلص إليه المستشرق الإسرائيلي»ويكرت» في أطروحته من الادعاء بأنّ النبي إبراهيم مؤسس أول دين توحيدي «هو الدين اليهودي» قبل أربعة آلاف سنة، هو الذي عرف العرب مقامه في الجاهلية، ويضيف: «مع بروز فجر الإسلام كدين توحيدي عربي، احتل إبراهيم الخليل مكانة مرموقة، وورد ذكره في 25 سورة من سور القرآن، كما احتل مقامه مكانًا بارزًا اتخذه المسلمون مصلى لهم يؤدون من ورائه ركعتين بعد إنهاء الطواف في رحاب ساحة الكعبة، وأصبح إبراهيم (عليه السلام) يمثل تراثًا دينيًا مشتركًا لليهود والمسلمين»، ثم يقول عن أهمية مقام سيدنا إبراهيم في مناسك الحج، أنّه عنى بدراسة هذا المقام وأهميته في طقوس الحج إلى بيت الله الحرام منذ الجاهلية حتى يومنا هذا العمل فيها عبرة لمن يعتبر.

وهو بعبارته الأخيرة يرمي إلى أهداف خطيرة قد أفصح عنها أحد القادة الإسرائيليين «هرتزوغ» عندما قال لامرأة فلسطينية ضيق عليها الصهاينة الخناق حتى هدموا دارها بالجرافات، فآثرت الرحيل إلى السعودية حيث يعيش أبناؤها: «إنّنا قادمون إلى السعودية، حيث لنا أملاك عندهم، إنّ جدنا إبراهيم هو الذي بنى الكعبة، وأنّها ملكنا وسنسترجعها بكل تأكيد» !!، وذلك تحت ذريعة الحق التاريخي، مع أن الاحتجاج به يُحدث فوضى في العالم ويغرقه في حروب دامية، فكل من استعمر بلداً أو إقليماً أو لجأ إليه أو هاجر إليه، يعمل على احتلاله لغرق العالم في بحور من دم؛ لذا لم يقره القانون الدولي، مع أنّ يهود بني إسرائيل لا حق تاريخي لهم في الكعبة، فكيف باليهود الصهاينة الذين لا ينتمون لبني إسرائيل، فليس كل يهودي الديانة من بني إسرائيل الذين انقرضوا تقريبًا.

فلابد أن تقف الدول العربية وقفة رجل واحد للحيلولة دون تنفيذ وعد ترمب حفاظًا على أراضينا ومقدساتنا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store