Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. ياسين عبدالرحمن الجفري

المهن بين العيب والدخل!!

A A
ممارسة الحِرف لم تكن عيبا في الحقبة ما قبل الطفرة الأولى، والتي حدثت بين العقد السابع والثامن من القرن الماضي، وأصبحت بعد ذلك عيبا بعد تدفُّق الثروة على بعض المواطنين في المدن الرئيسيّة، وإن كانت عيبا في القرى كجزء من الأعراف والتقاليد. ونقصد هنا بالممارسة أن تكون عملا حرا، وليست وظيفة تُقدَّم مِن قِبَل مَن يُوظّف لعددٍ من الأسباب أهمها: أن رأس المال المطلوب صغير، وأن خريجي المعاهد المهنية كانت تُوفَّر لهم قروض من بنك التسليف للمؤهلين في الحِرف. وبعد هذه الديباجة.. أودّ أن أروي قصة مغترب (مقيم) يعمل بأحد الأحياء في إصلاح المكيفات، حيث لا استغناء عن المكيف في بيئتنا، واهتمامنا بوجوده وعمله بشكل جيد، ولكن ما أكثر أعطاله. هذا المغترب يعمل في صيانة المكيّفات، وتجده دوما مشغولا، ودكانه مليء بالمكيفات التي تحتاج إلى صيانة. والأجرة عادةً لا تقل عن ١٥٠ ريالا للخدمة التي لا تأخذ أكثر من نصف ساعة، مما يعكس لنا حجم دخل جيّد، والدكان يضم ثلاثة أشخاص.. مما يجعلنا ندرك أن الدخول في هذا المجال سيكون بعائدٍ طيب ودخل مجدي. فوجود مثل هذا المشروع لفرد يُديره لنفسه، سيُوفِّر له دخل أكثر من ٣٠ ألف ريال شهرياً حسب مشاهداتي، والتكلفة لن تتعدَّى أجرة المكان والمعدات، ولا أعتقد أنها ستتعدّى دخل شهرين على الأكثر. والسؤال: أين الراغبين في الوقت الحر، وأن يصبح -على قولهم- حر نفسه في هذا النشاط.

لن يكون هناك فائدة ما لم يُمارس الفرد نشاطه بنفسه، وليس كما هو حاصل حاليا، ليُحقِّق الفائدة والدخل لنفسه.. لأن تشغيل الغير وممارسة عمل آخر كالوظيفة، تُضعف السيطرة والقدرة على تحقيق المنفعة الكلية المتوخاة من هذا النشاط. وقِس علي ذلك باقي الحِرف التي تُمارَس كمهنٍ حُرَّة كالكهربائي والسبَّاك... وغيرها، والتي لاقت ضغطا محموما في تويتر حول مجلس الشورى ووزارة العمل عند الحديث عن توطينها، لأن أبناءنا خريجي جامعات، ويجب أن يحلّوا مكان المقيمين في الوظائف العليا، وطرد مَن يحتلها من غير المقيمين، وإجبار الأعمال وأصحابها على شغل الوظائف من طرف أبنائنا المواطنين.

لابد من القيام ببرنامج ممنهج وواضح من قِبَل وزارة التعليم لإعادة العجلة للدوران في الاتجاه الصحيح، ونبذ الأفكار الهدامة للمجتمع، ومن ضمنها احتقار حِرف مارسها الأنبياء والأجداد.. والله ولي التوفيق.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store