Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

العمل من المنزل

ومع انتشار البطالة بشقّيها الفعلية والمقنّعة، أصبح العمل من المنزل ضرورة اجتماعية واقتصادية لبعض الوظائف والأشخاص، وبخاصة للسيدات العاملات اللواتـي يتعرّضن لضغوطات عصبية وبدنية غيـر إنسانية بالالتزام بدوام رسمي لساعات طويلة، إضافة إلى مسؤولياتٍ زوجية وعائلية وتربوية

A A
يشهد المجتمع السعودي نـهضةً واسعة شاملة، وتطوراً سريعاً ملحوظاً في جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والترفيهية والنظامية والإدارية، ومن هنا، رأيتُ التوسّع في فكرةٍ أراها جديرة بالاهتمام والتنفيذ في المجتمع الوظيفي، وهي: طرح وظائف إدارية تقنية من منزل الموظف، دون الحاجة إلى تسجيل حضوره الشخصي إلى مقر العمل، إلا في بعض الظروف النادرة ولأسباب وجيهة.

ومع التطوّر التقني الهائل وانتشار الإنترنت، وتغلغلها في الأنظمة الإدارية والعملية والمهْنية بشكل غير مسبوق، تقلّصت الحاجة لوجود الكفاءة البشرية في مكان وزمان مُحدديْن، وبخاصة في مهن وأعمال تقنية تستدعي العمل من خلال تطبيقاتٍ وأنظمة إليكترونية، يـمكن تسجيل الدخول إليها من أي مكان في العالم، بمستويات عاليةٍ من الحرفية والأمن السيبراني (الإليكتروني).

ومع انتشار البطالة بشقّيها الفعلية والمقنّعة، أصبح العمل من المنزل ضرورة اجتماعية واقتصادية لبعض الوظائف والأشخاص، وبخاصة للسيدات العاملات اللواتي يتعرّضن لضغوطات عصبية وبدنية غيـر إنسانية بالالتزام بدوام رسمي لساعات طويلة، إضافة إلى مسؤولياتٍ زوجية وعائلية وتربوية

، فضلاً عن أن عدداً من الأعمال المكتبية لكثير من الوظائف (كالتسويق الإليكترونـي وغيره) يمكن التعامل معها عن طريق أنظمة إليكترونية تلقائية، لا تستدعي الالتزام بأنظمة حضور وانصراف «وتبصيم» لإرضاء نزعة التسلّط والمراقبة المهووس بـها بعض المُديرين.

أما من ناحية فوائد الوظائف المنزلية، فمن الواضح إمكانية الوصول إلى توازنٍ بين الحياة العمَلية والمنزلية، والانخراط بشكل أكبـر في نشاطاتٍ رياضية وترفيهية وتحسّن نوعية الطعام، والارتقاء بمستوى الإنتاجية والولاء والرضا الوظيفي، وتوفيـر كمّيات يومية من البنزين المستنفد وخاصة مع ارتفاع أسعاره، والتخفيف من زحمة السيـْر وبخاصة وقت الذروة، وتوفيـر تكلفة مساحة أماكن العمل، والاستفادة من موظفين بكفاءاتٍ عالية في أماكن متعددة من العالم، قد لا يعملون بشكل جيد في بيئة عملٍ صاخبةٍ تُشتت الانتباه، وفي الوقت نفسه، ضمان تقييم أدائهم وأعمالهم بمراجعة سجلّ مُعاملاتهم ونتائجهم الإليكترونية، عوضاً عن حبْسهم في مكاتب صغيرة كئيبة لساعات مُمتدة، وبيئة تكثر فيها الثرثرة وضياع الأوقات، ومراقبة حضورهم وانصرافهم، دون فعالية ولا جدوى حقيقية.

من المنطقي القول: إن العمل من المنزل مناسبٌ لأعمالٍ يتم انتقاؤها بحسب نوعها وملاءمتها لهذا النوع من الوظائف، وموظفين يُـثبتون كفاءتهم للعمل تحت أريحية جدول أعمالٍ مَرِن وفعّال من منازلهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store