Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سعيد محمد بن زقر

كأس الملك

والقطاع الخاص يماثل ملعب الكرة ، وتظل سعودته بنسبة مائة بالمائة تعني عُزلته عن التجارب الإنسانية. وتخلفه عن العصر ومن أن يكون جزءا من الاقتصاد العالمي.

A A
شاهدنا ليلة الأحد من الأسبوع الماضي مباراة مدهشة بين فريقي الفيصلي والاتحاد. كان المشهد ممتعاً من الافتتاح إلى الختام. ومن إطلالة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بابتسامته المطبوعة إلى صداها في وجوه الجميع، ومن الأداء المدهش والتنسيق المذهل إلى روعة ملعب الجوهرة، بجمهوره واللاعبين. وجاءت لحظة التتويج للفائز الاتحاد، للمرة التاسعة في تاريخ الكأس الملك. لتخلد اللحظات التي ستظل باقية بالذاكرة وخاصة التناغم بين الراعي والرعية.

تحقيق الأهداف باللعب يتحقق بروح الفريق وبتناغم الأداء وروعته، وهو ما قادني لتساؤل مفاده ماذا لو كانت الفرق الرياضية خاضعة لأنظمة العمل وتطبيقات السعودة؟، إذن لوجدنا لوائح تحكم اختيار حكام سعوديين وأخرى تشترط توظيف سعودي يهذب الملعب أو يُركب العارضة أو يشرف على المقاعد. وبالتالي لن تنجز الهيئة العامة للرياضة هذا الإبداع المدهش الذي تقف خلفه تجارب إنسانية غير منكفئة أو عازلة لنفسها بل التزام صارم بأنظمة الفيفا كمدخل للمواكبة والاستفادة المُثلى. والقطاع الخاص يماثل ملعب الكرة ، وتظل سعودته بنسبة مائة بالمائة تعني عُزلته عن التجارب الإنسانية. وتخلفه عن العصر ومن أن يكون جزءا من الاقتصاد العالمي

. فالانعزال في أي ضرب من ضروب الحياة يقعد بالمجتمعات ويعمم التخلف ويحد من التطلع لملاحقة تجارب المجتمعات المتقدمة. بينما التطور يتأتي من تلاقح العقول وسجال الأفكار والمبادرات. والقرآن الكريم يحثنا كشعوب وقبائل للتأمل بهذه المعاني ويدعونا للتعارف، كمدخل للتعامل الإنساني مع التزام التقوى، باعتبارها المعيار الوحيد للتمييز بين الناس قال تعالى (إن أكرمكم عند الله اتقاكم).

فالتأمل في تجارب وزارات العمل بالعالم الأول وأسلوبها بإدارة الموارد البشرية يفيد لاختلافه عن ما لدينا، فإدارات مكاتب العمل تنظر لسوق العمل المحلي ولإدارة أهم مورد اقتصادي نظرة جزئية (ميكرو)، بينما الدول التي حاولت إدارة موارد الاقتصاد مركزيًا، حصدت فشلاً اقتصادياً ذريعاً. فالمقارنات بتجربة الوزارات بالعالم الأول تفيد من حيث نظرتها للمناطق جغرافياً وفق احتياجاتها وحسب القطاعات ومن ثم سمحت أو أغلقت باب الاستقدام بديناميكية وحيوية منعت البيروقراطية، وبفعالية وبرشاقة استجابت للحاجة ومنعت تخلف الاقتصاد.

فالسؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذه الحقائق، هل الكثافة السكانية بين مناطق المملكة ومدنها واحدة أم تختلف من منطقة لأخرى؟ إن الإجابة بديهية. فكيف إذن نطبق نظامًا واحداً ونتوقع أنه ينسحب على كل محافظة وكل مدينة وأي قرية؟. إن هجرة الشباب والشابات للمدن الرئيسية ليست برغبتهم بقدر ما لإدراكهم بتمركز مؤسسات التعليم والهيئات والوزارات ومؤسسات التوظيف بتلك المدن. مما يعني أن عدم إدراك الاختلاف بين المناطق سيغذي الهجرة الداخلية. وعندما يترك الشباب مناطقهم ويُطلب من مناطقهم سعودة الوظائف على نحو ما يحدث في المدن الرئيسية فإن النتيجة التلقائية ستكون تعميق الخلل الديمغرافي بتحفيز الهجرة للمدن. وهو ما يفسر معدلات الضغط على الخدمات وما قد يقعد بهدف التنمية المتوازنة. ويري كاتب السطور أن في التحول من النظرة الجزئية (الميكرو) إلى نظرة كلية شمولية(ماكرو) تحتضن أولويات المناطق والقطاعات.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store