Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أويس عبدالرحيم كنسارة

وقفة تأمل.. قاتل الله الغرور

A A
* يُحكَى أن حافلةً محملة بالركاب كانت متجهة إلى إحدى الأماكن السياحية، في الطريق صادفهم نفق اعتاد سائق الباص المرور تحته، لكن المفاجأة هذه المرة كانت كبيرة، فقد احتك الباص بسقف النفق وانحشر في منتصفه؛ الأمر الذي أصاب الركاب بحالةٍ من الخوف والهلع، وتساءل الجميع: لماذا هذه المرة فقط لم يستطع الباص المرور كالمعتاد؟ فسَّر بعضهم ذلك بتجديد سفلتة الطريق، ومن ثم ارتفع مستوى الشارع قليلًا.

حاول أحدهم المساعدة بأن يربط الباص بسيارته ليسحبه للخارج، ولكن في كل مرة ينقطع الحبل بسبب قوة الاحتكاك.

ووسط الاقتراحات المختلفة، نزل طفل من الباص ليقول: الحل عندي! ولعجزهم استمعوا له: أعطانا الأستاذ العام الماضي درسًا، وقال: إننا يجب أن ننزع من داخلنا الكبرياء والغرور، والكراهية والأنانية والطمع؛ الذي يجعلنا ننتفخ بالغرور أمام الناس، وعندها سيعود حجم ذواتنا إلى الحد الطبيعي الذي خلقنا عليه الله، فنستطيع العبور من ضيق الدنيا إلى ملكوت السماوات، ولعلنا إذا طبَّقنا هذا الكلام على الباص، ونزعنا قليلًا من الهواء من إطاراته، سيبدأ بالابتعاد عن سقف النفق وسنعبر بسلام!

انبهر الجميع من فكرة الطفل الرائعة، وعبروا -فعلًا- بسلام.

* في علم النفس يُقال: إن الغرور منشأه الرئيس النقص الداخلي. وأن المغرور حينما يغترّ، يفعل ذلك تعويضًا عن النقص والعيوب التي لديه، فيغترّ ويتكبَّر مما يجعله مذمومًا مكروهًا، حتى عند أقرب الناس منه، وتجده يتحدث بعنجهية ومن طرف أنفه مثل الطاووس، وأرجو أن لا أكون ظلمت بهذا التشبيه الطائر البديع، صاحب الريش الجميل.

* تأمّلت كثيرًا في القصة أعلاه، وتذكّرت -حين تأمّلي- حال الجزيرة المغمورة، التي لم يعجبها حجمها الجغرافي والسكاني، فلَجَأَتْ للتعويض عن ذلك بطموحات بسط النفوذ في المنطقة، وبث السموم الإرهابية والإعلامية، حتى كاد الناس لا يُفرّقون بين الجزيرة الدولة، والجزيرة القناة.

* واغترَّت بذلك، فأصبحت في حالة مزرية، مكروهة من الجيران، ومعزولة عن محيطها وحاضنتها الطبيعية، وتمنّيت أن يكون لديهم مثل هذا الطفل الحكيم، ليُخبرهم أن الخروج من الأزمة، والتحرُّر مِن نفق العزلة، لن يتحقق إلا بالتخلي عن الغرور.

* والذي ينظر في التاريخ دينيًّا وسياسيًّا يخاف ويرتعش من مهالك الغرور، قاتل الله الغرور، ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله.

****

- وقفة شعرية:

في جديد الوقت دولة..

ما عجبها وضعها وسْط الخريطة..

قالت اتعدّى حدودي..

واثبت لغيري وجودي..

في الحياة..

وهكذا نقدر نقول.. إن الجزيرة..

دولة مغمورة صغيرة..

كبرت وصارت قناة!!

(الأمير الشاعر عبدالرحمن بن مساعد بن عبدالعزيز)

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store