تَتَصَاعَد مُنذ سَنوات مُفردة الوَطنيّة، رَاغبة في أن تَحتلّ مَكَانتها الأُولَى؛ في سلّم المَفاهيم، لذَلك كثُر طَرحُها، والمُجادَلَة حَولها، والمُزَايَدَة عَليها..!
ومُنذ خَمسين سَنَة قَال «معروف الرصافي» -وَاصِفاً بَعض فِئَات العِرَاق؛ التي كَانت تُتَاجر بالدِّين، ثُمَّ صَارت تُتَاجِر بالوَطَن-:
أُحْبُولَةُ الدِّينِ رَثَّتْ مِنْ تَقَادُمِه
فَاعْتَاضَ عَنْهَا الوَرَى أُحْبُولَةَ الوَطَنِ!
مِن هُنا يَجدر بِنَا أن نَتحدَّث عَن الوَطنيّة بمَفهومها الصَّحيح، حتَّى لا يَلتَبس المَفهوم عَلى النَّاس، خَاصَّة وأنَّ هُنَاك بَعض الشَّركَات والمُؤسَّسات تَحمل هَذا الاسم..!
يَقول المُفكِّر المِصري المَعروف «قاسم أمين»: (الوَطنيّة أن تَعمل ولا تَتكلَّم)، وهَذه الجُمْلَة -رَغم قصَرِها- كَثيرة المَعَاني، عَديدة الفَوائِد، لأنَّ الوَطنيّة لَيست شِعَاراً يُرفع، وإنَّما سلُوكاً يُمَارَس..!
الوَطنيّة لَيست قَصيدة تُكتب في الوَطن، ولا أُغنية تُلحَّن، ولا مَقالاً يُدبّج، ولا مُحاضرة يُزايَد بِهَا عَلى النَّاس.. كُلُّ هَذه لَيْسَت مِن الوَطنيّة في شَيء، بَل الوَطنيّة الصَّادِقَة والمُخلِصَة والحَقيقيّة؛ هي أن تُغذّي وَطنك بالعَمَل، حَيثُ يُخلص المُعلّم في مَدرسته، والمُوظَّف في إدَارته، والفلَّاح في حَقله، والصَّانع في مَعمله..!
الوَطنيّة الحَقَّة هي أن تُحَافِظ عَلى مُكتسبَات الوَطن، وتَحرص عَلى الذّوق والنَّظَافَة، وتُرَاعِي الأنظِمَة، وتَتّبع التَّعليمَات.. فهي كالحَضَارَة تَماماً، التِزَامٌ وعَمَل يَبدأ مِن المَنزل، ويَنتهي بآخَر نُقْطَة مِن حدُود الوَطَن..!
إنَّ الوَطنيّة -يَا قَوم- هي مُمَارسة وسلُوك، ولَيسَت شِعَارَات وكَلِمَات..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يَقول شَاعر جَازَان الكَبير «محمد السنوسي»:
لَيْسَ الحَضَارَةُ صَارُوخاً وَقُنْبُلَةً
وَلاَ التَّمَدُّن أَقْماراً وَأَفْرَانَا
إِنَّ الحَضَارَةَ أَسْمَاهَا وَأَرْفَعَهَا
أَنْ تُحْسِنَ المَشْيَ عَلَى الأَرْضِ إِنْسَانَا
وهَكَذَا هي الوَطنيّة، أنْ تُحسِن المَشي في أرضِ الوَطَن إنسَاناً..!!!
كلمات عرفجية في مفهوم الوطنية ..!
تاريخ النشر: 02 يوليو 2013 03:55 KSA
تَتَصَاعَد مُنذ سَنوات مُفردة الوَطنيّة، رَاغبة في أن تَحتلّ مَكَانتها الأُولَى؛ في سلّم المَفاهيم، لذَلك كثُر طَرحُها، والمُجادَلَة حَولها، والمُزَايَدَة عَليها..!
A A