أكرمني إخوة أعزاء ممن قضوا سنوات طويلة في البحث عن الزاد المعرفي مقدمين عصارة فكرهم وتجاربهم وخبراتهم العملية في مشهدنا المحلي، أكرمني هؤلاء بإهداءات قيِّمة من أسفارهم التي لفتت مرتادي معرض الكتاب الدولي الذي عقد مؤخراً في جدة، وكان فرصة لرواده لإجراء المفاتشات البحثية وسبر أغوار الإصدارات الفكرية والأدبية والتاريخية وغيرها.
ولعل مساحة المقال لا تتسع لكل ما وصلني منها ولكن -وكما يقال- «يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق»..
أول هذه الإهداءات كان بعنوان (الطريق إلى الجحيم) والذي بلغت صفحاته (349) صفحة من القطع الكبير، وقد سطَّر فيه الدكتور هاشم عبده هاشم سيرته الذاتية محفِّزاً قارئه إلى رحلة تفارق السائد في تدوين السير الذاتية، حيث الجنوح عادة نحو تلميع الذات وإخفاء السقطات والاستعلاء بالإنجازات!.
محطة العنوان تؤشر إلى طريق شائك ساره المؤلف في مفاوز الحياة، ليتوزع عطاؤه في ثلاث محطات يتمثلن في: العمل الإعلامي، ومجلس الشورى، والسلك الأكاديمي.
من هنا يبحر القارئ في أبواب الكتاب الثلاثة، التي تمتدُّ على أديمها كل التضاريس التي سار فيها المؤلف لينقل تجاربه العملية: الإذاعية والتلفزيونية والصحفية، كاشفاً عن أسرار عودته إلى رئاسة تحرير عكاظ.. ليسوقنا بعدها إلى مسالك رحلته الأكاديمية العلمية، وتجربته مع مجلس الشورى.
ومن الإصدارات القيِّمة التي وصلتني كتاب (عبد الله السليمان الحمدان.. سيرة وتاريخ) الذي أهداني إياه معالي الأخ غسان السليمان، وقد جاء في 419 صفحة من القطع الكبير، يبسط فيه مؤلفه الدكتور عبد الرحمن بن سعد العرابي خلاصة توثيقه لسيرة وتاريخ عبد الله السليمان الحمدان أحد الشخصيات التي عاصرت ملحمة توحيد المملكة على يد المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز يرحمه الله.
جاء الكتاب في 10 فصول رصد فيها المؤلف البدايات الأولى للحمدان والأدوار المالية التي قام بها في نشأة الدولة السعودية، مستعرضاً خطوات إنشاء مصنع كسوة الكعبة المشرفة، وإلغاء رسوم الحج، كاشفاً بعدها النقاب عن ما جرى بين الحمدان وطلعت حرب، متوقفاً عند تداعيات الحرب العالمية الثانية ثم اكتشاف النفط وتصديره والاتفاقيات التي تمت بشأنه، ملقياً الضوء على الأدوار التنموية التي لعبها الحمدان، مختتماً برصد ما قيل عن الحمدان من مجايليه ومعاصريه وما خطته أقلام الكتاب والأدباء والمفكرين حوله.
كم أتمنى أن تلقى مثل هذه الإصدارات ما تستحقه من عناية واهتمام باعتبارها شاهداً توثيقياً لمرحلة مهمة من مراحل البناء في بلادنا، ولعلنا نتوقف مع أسفار أخرى في مقبل الأيام.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
