المنهج السلفي والتنوير (2)

المنهج السلفي والتنوير (2)
مقال الأسبوع الفائت كان حديثاً عن المنهج السلفي، واستكمالاً للحديث أقول: إن «المنهج السلفي» وباختصارٍ شديد وبكل وضوح: ليس مذهباً جديداً حادثاً في الدين، وليس مرحلة زمنية، بل هو اصطلاح جامع يُطلق للدلالة على منهج السلف الصالح في فهم النصوص الشرعية وكيفية الاتباع والعمل، ويقدم متهجاً متكاملاً لتصور القضايا الكلية في الوجود والواقع وكيفية التعامل معها ،وهذا الفهم للنصوص الشرعية مبني على منهجٍ علمي راسخ تليد، هو بعينه: الذي شابت رؤس علماء السلف من فقهاء التابعين والأئمة الأربعة وأتباعهم من فقهاء وأصوليين ومحدثين في بيانه وتقعيده حتى استوى على سوقه في منهج علمي فريد دقيق تمثَّل في (قواعد الاستنباط التي قررها علماء أصول الفقه في كتبهم) وهم بذلك وابتداءً من إمام الأصوليين الإمام الشافعي في مدونته العظيمة «الرسالة» وانتهاءً بشيخ المقاصديين الإمام أبي إسحاق الشاطبي في كتابه الفريد “الموافقات” قد ضبطوا قواعد الاستنباط والاجتهاد وتفسير النصوص المبنية على ركنين أساسيين هما: النصُ والمقصد، ومهدوا لمن جاء بعدهم كيف يتلمس خُطا السلف في الفهم والعمل. هذا المنهج لمن سبره وعرفه ووقف على قواعده وأدبياته ،يجدُ وبجلاء كل ما ينادي به المنتقدون وكل ما يظن الظانون أنه غير موجودٍ فيه! هذا المنهج إذا فقهه الناس وطبقوه بكل إخلاص وإنصاف يُـربـي على: تعظيم النصوص، وفقه الخلاف: فيعلم الناس متى يسوغ الخلاف العلمي وكيف يتم التعامل مع المخالف أياً كانت درجة مخالفته بكل أدب وتقدير وإنصاف تحت قاعدة (العدل) الذي أمرَ الله به في القولِ والعمل والظن! (وإذا قلتم فاعدلوا) ولكنه أيضاً يضبطُ المسألةَ: فيحدد من خلال قواعده المسائل التي يسوغ الخلاف فيها والأخرى التي لا يسوغ، ومتى يكون الخلاف معتبراً ومتى يكون الرأي الآخر مقبولاً أو شاذاً. ويُحدِّدُ من الذي يكون قولُه وخلافُه معتبراً في هذه المسألة أو تلك، فمسائل الفقه والنوازل لا يُقبل فيها قول الأديب أو الصحفي أو الإعلامي أو المذيع مهما أوتي من وجاهةٍ أو لباقة أو ذكاء! كما أن مسائل الهندسة والتخطيط لا يقبل فيها قول الطبيب أو الفقيه! المنهج السلفي بقواعده وأدبياته يعلُمُنا كيف نتعامل مع الآخر غير المسلم بكل عدلٍ واعتدال، ودون غلو أو تفريط لأنه ينطلق من النصوص المحكمة الواضحة ومن هدي السنة النبوية المطهرة.. أعود فأقول: المنهج السلفي يقبل النقد والتصحيح والخلاف، ولكن: وفق منهجية علمية وممن يملك أدوات ويفقه أدوات هذا المنهج! دون الانطلاق من اتهام هذا المنهج بالتقليدية أو الظلامية أو الماضوية، ودون أن نظهر بمظهر الخصوم والأعداء، يقول إمامُ دار الهجرة مالك ُ بن أنس رحمه الله (أعز شيء في زماننا الإنصاف!) قلتُ: هذا في زمانه، فماذا نقول نحن؟! اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه. Fhdg1423@hotmial.com

أخبار ذات صلة

وطنٌ يسكُن القمّة دائماً
الجيش السعودي الثاني..!!
شذرات
التحول الصناعي
;
مؤسسة «تكوين».. تصادر الفكر العربي وتعلن وصايتها عليه (3)
إلى أولئك الذين يحجون كذبًا!
يوم التروية.. «وجعلنا من الماء كل شيء حيٍّ»
مخبز الأمل الخيري.. مبادرة سعودية
;
ليه ما عزمتوني؟!
الحج المفتوح!
ومضات ‏على رحلة الحاج.. من الفكرة إلى الذكرى (2)‏
هل تخنق البروباغاندا الأمريكية دبلوماسيتها العامة؟!
;
أغرب الشائعات خلال العقد الماضي!
بعض الأصدقاء..
خدمات الحج: تجربة لا تُنسى
قليلٌ من الحياء.. يا أدعياء الشهرة