القرني والوابلي ورهان الأعداء

القرني والوابلي ورهان الأعداء
تسود خطابَنا المحليَّ بمكوِّنَيْهِ (الدِّيني والثقافي) حالةٌ من التأزُّم لم تهدأ منذ ثلاثة عقود تصرَّمت. في البدء ينبغي أن نفرِّق بين حالة (الحوار) المفضي إلى نقاط تقاطع وتفاهمات عقلانية تؤسس لحوارات أخرى أكثر موثوقية وشفافية في أهدافها ومراميها، وتؤول في نهاياتها إلى مخرجات تصب في مصلحة تماسك اللُّحمة الوطنية، وتدفع بالحراك الفكري إلى مداءات أبعد، وبين حالة (الصراع) المفضي إلى نتائج غير محمودة على المستويين الوطني والفكري. لن أستجرَّ مرحلة الثمانينيات وصراعها الفكري بين الصحوة والحداثة، غير أن المؤكَّد أنها أفضت لما نلمسه اليوم في خطابنا المحلي الذي انكفأ على نفسه وشُغِل بما ورَّثته له تلك المرحلة، ليبدأ ينهش بعضه بعضًا في مشهد كان جديرًا بنا أن نتجاوزه إلى أفق أرحب ونظرة إيجابية أشمل لمصلحة وطننا وأجيالنا. العقلاء في خطابنا المحلي نأوا بأنفسهم عن النزول لمستنقعات اللغط وتصفية الحسابات؛ لأنهم وصلوا -كما نعتقد- لدرجة متقدمة من التجرد عن الذاتية والبعد عن الانتصار للنفس، وقطعوا على أنفسهم أن يكونوا - قَدر الإمكان- بعيدِين عن حلبات الصراع العقيم الذي لا يورِّث علمًا نافعًا، ولا يثمر معرفة جديرة بالاحتفاء، ولا يشعل قناديل الفكر المستنير. لعلنا اليوم نقف على حالة من حالات التأزم تجلَّت معالمها منذ قرابة شهر بعدما تعرض الداعية الدكتور (عايض القرني) لهجوم إرهابي مسلح في الفلبين بعد محاضرة له هناك. ومن منطلق محبة المسلم لأخيه المسلم، ومن منطلق المواطنة الحقة، ومن منطلق الإنسانية، فقد رأينا تآزرًا شعبيًّا وتلاحمًا روحيًّا ضد تلك الجريمة البشعة، ورأينا رموزًا ثقافية (واعية) تقف مع الشيخ وتستنكر ما تعرض له. ولأن لكل قاعدة شواذ فقد حادت بعض الأسماء الثقافية عن مبدأ الوعي لتسبح في بحر التشفي والشماتة. وبالأمس توفي المفكر الدكتور (عبدالرحمن الوابلي)، ولأن من حق المسلم الميت على أخيه المسلم الحي أن يترحم عليه ويدعو له، فقد رأينا رموزًا دينية تترحم عليه وتدعو له، غير أن بعض الأسماء الدينية حادت عن المبدأ الإسلامي والإنساني لتسبح كسابقتها في بحر التشفي والشماتة. ما أود الوصول إليه هو أن تلك الأصوات (الدينية والثقافية) التي حادت عن الحق والهدى ينبغي ألا نجعل منها الممثِّلَ الشرعيَّ الوحيدَ لخطابنا المحلي (الديني والثقافي) إطلاقًا؛ فهي وكونها أصواتًا فردية لا يمكن أن ترقى لمنزلة (خطاب) بالمعنى الاصطلاحي؛ لأنها لا تمثل إلا نفسها. وحتى تبرهن تلك الأصوات على حسن نيتها، فمطلوب ممن وقف منها مع القرني في قضيته وشمت بالراحل الوابليِّ، وممن كتب منها مقالات ثناء عن الوابلي وشمت بالقرني أن تتدارك خطأها فتذكرهما (كليهما) بالخير، وتكتب عن (كليهما) خيرًا، وإلا فهي مصدر البلاء، ورهان الأعداء.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»