الطابور لن ينقطع

الطابور لن ينقطع
مادمتَ حيًّا، تعمل جاهدًا على تفعيل أدوارك، والقيام بواجباتك، والترقِّي في مناحي الحياة، فأنت عرضة لهمز الهمَّازِين وحسد الحاسدِين. الحال نفسها يمكن إزاحتها من الحالة الفردية (الشخصية) وإسقاطها بكل حمولاتها على المجتمعات والدُّوَل؛ فالدولة متى كانت في تسارُعٍ إلى مراكز الصدارة، وشُغُلٍ بالتقدم والازدهار، مستندة على إرث تاريخي وحضاري عظيم فإنها - مع كل ما سبق- لن تجد الأكفَّ (كلَّها) في حالة تصفيقٍ حارٍّ لها، ولن تجد الإنصافَ المستحَقَّ، إلا ممن تسامى على نزعاته ونزواته الذاتية. والمملكة العربية السعودية بوصفها مهبطَ الوحي، ومنطلقَ الرسالة المحمدية، وبوصفها البقعةَ التي تشكَّلت ونمت وتطورت فيها لغة القرآن الكريم (اللغة العربية)، وبوصفها مهدًا لحضاراتٍ تاريخية عظيمة تمتد عبر الحقب الزمنية المتلاحقة منذ فجر ما قبل التاريخ حتى عصر الدولة السعودية الحاضر، تظل عرضة لتجاذبات الآراء ما بين كثرة منصفة وقلَّة حاقدة. بالأمس ثارت ثائرة مواقع التواصل الاجتماعية على الروائي (يوسف زيدان) حينما جرَّد أرضَ وإنسانَ الجزيرة العربية (الحِتَّة الوسطانية) عبر مسيرة التاريخ الممتدة من حضارتهما وأدوارهما وفق منطق لا يستند للحقائق، وإنما لمحاكمات ذاتية طغت عليها نزعة التعالي والنظرة الفوقية التي لا تؤمن بالتحوُّل الحضاري وصيرورة التاريخ. زيدان ليس الوحيد في سُلَّم الطابور؛ فقد سبقه (توماس فريدمان وحسن نصرالله ومحمود بدر وعبدالباري عطوان وعبدالحميد دشتي ومحمد الهاشمي) وغيرهم من الذين لم يُخرجوا أضغانهم إلا طمعًا في حظوة، أو وقوعًا تحت حالة من الحسد، أو تمهيدًا لبزوغ نجم أحزابهم وحركاتهم السياسية. ما يعنينا في هذا المقام ويجب أن نتقبَّله هو أن الطابور لن ينقطع وستظل هذه الأصوات الناعقة تظهر من حين لآخر، وما يعنينا أكثر هو الكيفية التي يمكن التعامل بها مع مثل هذا الطابور، فقد رأينا المشتغِلِين بأمر هذا الطابور على ثلاث فئات: فئة ترى أن نعمل على استدراجه؛ بأن نستضيفه ونُنعِّمه ونُفرد له صفحات الصحف، حتى يصل لدرجة التحوُّل الذي نرغبه، هذه الفئة فات عليها أن التحول -إن حصل- فإنما هو (وقتي) نتيجةَ حصول الملاءة والحظوة وليس نتيجةَ قناعات ذاتية، ولذا سيعود الطابور لسيرته الأولى، وإن سكت فسيتمثل أدوارَه طابورٌ آخر ليحظى بما حظي به الطابور الأول. وفئة -مع أنها لا تتعامل مع المختلفِين معها في الداخل بهذه الحنيَّة- ترى ضرورة أن نحاوره، ونرد عليه بالحسنى، ونبين له ما يجهله، حتى تتضح له الأمور، وفات على هذه الفئة أن الطابور لا يجهل هذه الحقائق، خاصة ونحن في زمن الثورة المعرفية. وفئة ترى ألا نعبأ به ولا نوليه اهتمامًا؛ لأن قناعاته لن تتحول مهما بذلنا؛ كونه ليس جاهلاً بالحق، وكون المنتمِين له شواذَّ لا يمثلون بلدانهم وشعوبهم الشريفة، وإنما يمثلون أنفسهم، وهذا ما أميل إليه.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»