«العرضيات».. ظمآنة بحضرة السدود والبحر!

«العرضيات».. ظمآنة بحضرة السدود والبحر!
لو قُدِّر لك المرور ببعض حواضر محافظة العُرضيات -أقصى جنوب منطقة مكة المكرمة- مثل (نمرة وثريبان وسبت شمران والفائجة) لرأيت فيها معالم لم تزل منتصبة في أفق السماء تقف شاهدة على أثر نعمة مرَّت بها تلك الحواضر ذات زمن. تلك الشواهد ماهي إلا أبراج المياه التي تم إنشاؤها قبل حوالي (٤٠) سنة تولَّت، وظلت تفي باحتياج مواطني تلك الحواضر عبر (التمديدات الأرضية) قرابة العقدين حتى دب الوهن في عضد القائمِين بأمرها، فأتى الصدأ على تلك التمديدات. وعلى إثر ذلك انتهت صلاحية بعض تلك الأبراج وتمديداتها الأرضية، فانصرف المستفيدون منها في تلك الحواضر إلى بذل المال من جيوبهم لجلب المياه لمنازلهم أسوة ببقية عشرات الآلاف من المواطنين في مئات القرى المتناثرة في سهول وأودية وسفوح محافظة العرضيات. محافظة العرضيات توجد بها ثلاثة سدود هي (سد قنونا، وسد النَّظْر، وسد الجَناح)، ومع هذا فالسدود الثلاثة لم تتم -حتى الآن- الاستفادة منها بالشكل الأمثل، في الوقت نفسه لا يفصل الحد الغربي للعرضيات عن البحر الأحمر سوى (٦٠كم) فقط، وهذا يعني أن العرضيات لا هي بالتي استفادت من مياه سدودها التي أصبحت آسنة من طول المُكث، ولا هي انتفعت من البحر؛ بسبب عدم وجود محطة تحلية تخصها. العرضيات (الإنسان والمكان) أضحت كالعيس بين الجبال ينهكها الظما والماء في جنباتها (السدود والبحر) محجوزُ، مع الاعتذار لشاعرنا العربي طرفة بن العبد، ومع هذا فقد يأتي من يُذكِّر بإنشاء الوزارة لبعض (الأشياب) التي تقوم على توفير المياه من الآبار للمنازل، ويجهل أو يتجاهل أن هذه الأشياب لا تصل خدماتها إلا إلى (قرىً محدودة) من بين مئات الحواضر والقرى والمخططات التي يقطنها قرابة مئة ألف نسمة. أضف إلى ذلك أن القرى المستفيدة من تلك الأشياب كثيرًا ما يشتكي مواطنوها من سوء الخدمة وانقطاعاتها المتتالية والأعطال المتكررة للصهاريج الناقلة للمياه، وزد على ذلك أن الأشياب قد تَصلُح لزمن تولَّى عندما كانت الإمكانات والتقنيات متواضعة، لكنها لا تصلح لهذا الزمن الذي توافرت فيه الإمكانات والتقنيات. ولذا أرى أن أمام (وزارة البيئة والمياه والزراعة) حلين ممكنين: الأول -وهو الأمثل- إنشاء محطة تحلية مياه على البحر وإيصال مياهها المحلاة إلى العرضيات خصوصًا والأمر لا يتطلب مضخات رفع عملاقة كون العرضيات قريبة من البحر، وكون الطريق إليها ميسَّراً عبر وادي قنونا، على أن يُعاد تأهيل الشبكات الأرضية القديمة التي كانت تخدم الحواضر والمخططات والقرى أو استبدال شبكات جديدة بتلك الشبكات القديمة، على أن تشمل التمديدات حواضرَ ومخططاتٍ وقرىً إضافية. الحل الآخر هو إنشاء محطات تنقية على السدود الثلاثة للاستفادة من مياهها للحواضر والمخططات والقرى. الأمر ليس لغزًا ولا يحتاج لمعجزة، فالمياه (المحلاة والنقية) وصلت بفضل الله ثم بدعم الحكومة إلى عمق الصحراء وقمم الجبال، بل يكاد رذاذها يلامس العرضيات من الجهات الأربع.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»