رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي (١)

رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي (١)

في الإسلام تُسمَّى حريَّة الرَّأي، حريَّة التفكير والتعبير، وهي مكفولة للمسلم، وثابتة له؛ لأنَّ الشريعة الإسلاميَّة أقرَّتها له. ولحريَّة الرَّأي في الإسلام عدَّة مجالات وغايات، كإظهار الحق، وإخماد الباطل، قال تعالى: «وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ». وغاية أخرى هي منع الظلم، ونشر العدل، وهذا ما فعله الأنبياء والرسل إزاء الزعماء والحكام، وفعله العلماء والمفكرون مع القضاة والسلاطين، قال صلى الله عليه وسلم: «أفضلُ الجهادِ كلمةُ حقٍّ عندَ سلطانٍ جائرٍ». وحريَّة الرَّأي في الإسلام لا تعني أن يخوضَ الإنسانُ فيما يضرُّه، ويعود عليه بالضَّرر والفساد، بل لا بدَّ أن يكون ذلك في إطار الخير والمصلحة، إذ إنَّ الإسلام بتقريره حريَّة الرَّأي إنَّما أراد من الإنسان أن يفكِّر كيف يبني نفسه وأمته، لا كيف يهدمها وراء شهواته وهواه. وحريَّة الرَّأي في الإسلام طُبِّقت تطبيقًا رائعًا منذ عصر النبوة، فهذا الصحابي الجليل حباب بن المنذر قد أبدى رأيه الشخصيّ في غزوة بدر، على غير ما قد رآه الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخذ النبيُّ برأيه، وأبدى بعض الصحابة كذلك رأيهم في حادثة الإفك، وأشاروا على النبيِّ بتطليق عائشة -رضي الله عنها- إلاَّ أنَّ القرآن برَّأها.ومن الناحية السياسيَّة فيحقُّ للإنسان اختيار السلطة وانتخابها، ومراقبة أدائها ومحاسبتها إذا انحرفت عن منهج الله وشرعه، وحوَّلت ظهرها عن جادَّة الحق والصلاح، وغير ذلك من التصرُّفات العامَّة التي لا يُؤخذ بها برأي واحد، وفي هذا المعنى يقول تعالى: «إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ». وقال صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النصيحةُ، قلنَا لمَن يَا رسولَ اللهِ؟ قالَ: للهِ ولرسولِهِ ولأئمِةِ المسلمِينَ وعامَّتِهِم».في المقال القادم -إن شاء الله- سأتحدَّثُ عن حريَّة الرَّأي لدى بعض الصحابة، والتابعين -رضي الله عنهم أجمعين-.

أخبار ذات صلة

وطنٌ يسكُن القمّة دائماً
الجيش السعودي الثاني..!!
شذرات
التحول الصناعي
;
مؤسسة «تكوين».. تصادر الفكر العربي وتعلن وصايتها عليه (3)
إلى أولئك الذين يحجون كذبًا!
يوم التروية.. «وجعلنا من الماء كل شيء حيٍّ»
مخبز الأمل الخيري.. مبادرة سعودية
;
ليه ما عزمتوني؟!
الحج المفتوح!
ومضات ‏على رحلة الحاج.. من الفكرة إلى الذكرى (2)‏
هل تخنق البروباغاندا الأمريكية دبلوماسيتها العامة؟!
;
أغرب الشائعات خلال العقد الماضي!
بعض الأصدقاء..
خدمات الحج: تجربة لا تُنسى
قليلٌ من الحياء.. يا أدعياء الشهرة