كل مُيسَّر لِمَا خُلِقَ له



كعادتهِ دخلَ عليها في الصُفَّةِ الشَّمَاليّةِ التي تزدانُ بالشَرْبةِ المَوْضوعةِ على المِرْفعِ ومُغطاةً بالمِنديلِ المُطَرزِ والكاسةِ المنقوشِ عليها بعضُ صورِ التُراثِ وبِنتِ المِنقلِ وعليها حبــــَّاتُ الفحمِ (الجَمرِ) وبجانبها مِبخَرةُ الفِضّةِ وحباتُ الـمِسْتكةِ وخشبِ العُودِ.


سلَّم عليها واستقبلتهُ بروحٍ تملؤها المَحبةُ والاعتزازُ والفرحةُ الممزوجةُ بالرضا..

بنفسها فردت له سجادة الصلاة.. فعادةً عندما يدخل لديها يُصلِّي ركعتين في أي وقت.. فقد عَوّدتهُ على ذلك منذ طفولته.. يقوم بهذه العبادةِ وهي عبادةٌ وعادةُ محمودةُ له ولها.. ولا يكتملْ الرِّضا عِنده وعِندها إلا بعد الصَّلاةِ.. وأحياناً يتوضأَ وتكونُ الأبَاريقُ مَملوءةُ بانتظارهِ إن احتاج ذلك..(في بيت الـما).


كَبُرَ الصغيرُ وبدلاً من الرأس المغطى بالكوفية الجاوى أو البلدي.. أصبح يَلبسَ الغُترةَ فقط ومن ثَمَّ العِقالَ معها، وهو الرَّجلُ المَرموقُ بين صَحبهِ والمعروفُ بأناقتهِ وخُلُقهِ وأدَبهِ.. رمى عِقالهِ على أرضيةِ السجَّادةِ.. وصلَّى.. ثم التفت إليها قائلاً: «لقد أخذْتِ العِقالَ من فَوقِ السجَّادةِ.. وقمتِ بِمسْحهِ ثم قبلْتهِ وأرجعْتهِ إلى مَكانهِ.. أنتِ تُحبينني وتُحبي ما أستعملهُ.. وفقني اللهُ لإرضائِك والبرِ بكِ يا أمي»..

قالت: «أحبُ كلَ شيءٍ فيكَ.. كلَ شيءٍ».. وكرَّرتها.. ثم قالت: «يقول سبحانهُ وتعالى: «وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِه».. رميتَ العِقالَ فأخذتُه لأمسحَ دُموعَه وقبّلتُه كي يَرضَىَ.. وأردت أن تَضَعهُ فوقَ رأسِكَ وهو مُسبِّحاً للهِ رَاضياً عنكَ.. اللهُ يُرضِيك فيما يُرضيهِ»..

وجدَ عندها بعضَ المشترياتِ قد وُضِعت في أناقةٍ لتقديمها هدايا بجانب الصُفّةِ في ركنِ المدخلِ.. فسأل عمَّن أحضر لها كل هذه الهدايا.. قالت: «أنا اشتريتُها لتقديمَها هدايا عندما أحتاجُ ذلكَ بدلاً من النزولِ إلى السّوقِ كلَ يومٍ».. قال: «هذه حاجاتٌ كثيرةٌ جداً.. تكفي لأكثرِ من عشرِ مناسباتٍ.. اللهُ يباركُ لكِ».. قالت: «صاحبُ المحلِ خَدمني كتير.. وحاجاتُه حلوةُ جميلةُ ومتقنةُ.. وكلُ الناسِ تعجبهم.. بعدين كيف أزورُ الناسَ ويدي فاضية وأنا أمُك؟!.. كيف يَصير كِده؟!».. «يا ابني.. إن النفوسَ جُبلت على حُبِّ من أحسنِ إليها.. تهادوا تحابوا»..

في إحدَى زياراتِه لها.. ذكرت له أنها تريده أثناءَ اليومِ لمدةِ رُبعِ ساعةٍ في أمرٍ خاصٍ.. فَنَسِيَ ذَلك.. وادَّكَرَ بعدَ فِترةٍ من الزَّمنِ..

سَألها: «ماذا كنتِ تُريدينَ مِني ذاكَ اليومِ؟.. لقد نسيتُ.. فسامحيني..

قالت: «يا بني.. لقد أردتُكَ لقَضَاءِ حاجةٍ لبعضِ أولي القُربَى.. فعِندما تأخَّرتَ عَليَّ أوجدتُ لك عُذْراً ودَعوتُ اللهَ لكَ.. وقُلتُ في نَفسي.. «اللهُ الغَنيُ».. وإذا بخالِكَ يزورُني.. وقضَى لي ما أردتُ.. يــا بُنيَّ كُـــلٌ مُيــسَّرٌ لـِمَــا خُــــلِقَ لـــه»..

أخبار ذات صلة

اللا مركزية.. بين القصيبي والجزائري
الصناعة.. وفرص الاستثمار
ما الذي يفعله ذلك الزائر السري؟
نظرية الفاشلين!!
;
رؤية المملكة.. ترفع اقتصادها إلى التريليونات
أوقفوا توصيل الطلبات!!
نواصي #حسن_الظن
قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
;
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
;
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني