الكاتب الصحفي وتجديد ذاكرته



لا شكَّ أنَّ المقال الصحفي، إذا لم يكن له مردود من أفكار، يُشعر القارئ بجدِّيتها وفائدتها، وأنَّه أضاف إلى ثقافته ومعرفته شيئًا جديدًا لم يطَّلع عليه من قبل، أو شيئًا يُوضِّح له ما يجري حوله في هذا الوطن، أو في العالم المحيط، أو يُفيده في حلِّ مشكلاته، ويُعرِّفه على حلول لمعضلات تواجه المجتمع، فلا قيمة له أصلاً، وينصرف عن قراءته جلُّ القُرَّاء، ورغم أنَّ المقال قد يصطبغُ أحيانًا بمخزون كاتبه الثقافيِّ، المعتمد أصلاً على تخصُّصه، وما شهر له من علمٍ ومعرفةٍ، إلاَّ أنَّ الكاتبَ المُثقَّفَ الذي يضيفُ إلى معرفته كلَّ يومٍ جديدًا، يستطيعُ أن يكون مصدرًا معرفيًّا وثقافيًّا مهمًّا لقُرَّائه عبر مقالاته، فيجد فيها القرَّاء متعةً لهم حين يقرأونها، ويشعرون أنَّها أضافت إلى ثقافتهم شيئًا جديدًا، وكشفت لهم معالمَ معرفيَّة لم يسبق لهم الاطِّلاع عليها، ولا أحدَ يشكُّ أنَّ صحافتنا المحليَّة قد تطوَّرت عبر السنين، ولكن لا أحدَ يزعمُ أنَّها قد تجاوزت صحافة عالمنا العربي، ولا أقول العالم، ولن أكونَ مبالغًا إذا قلتُ إنَّه أصبح لدينا عددٌ لا بأسَ به من الكُتَّاب، يهتمُّ القُرَّاءُ بمَا يكتبون، ونشعر ونحن نطالع ما يكتبون أنَّهم قد طوَّروا أنفسهم وجدَّدوا ذاكرتهم، وإن لم يبلغوا الغاية التي تنشدها كل صحافة حديثة في هذا العالم، ولا يمنعنا أن نقول إنَّ العديد ممَّن تستكتبهم أغلب صحفنا يُفاجئونا بأنَّهم دون المستوى الذي يمكن أن ينهض بصحافة حيَّة معاصرة، في زمن تطوَّرت فيه الصحافة العالميَّة تطورًا عظيمًا، واكتسب كُتَّابها ثقافة واسعة، وألمُّوا بمعلومات تتزايد رصيدها عند كلٍّ منهم كلَّ يومٍ؛ لأنَّه لا يكفُّ عن الاطِّلاع على الجديد، يُجدِّد به ذاكرته، قراءاته أضعاف أضعاف ما يكتب، أو يُؤلِّف، فهو يُعدُّ نفسه ساعات طويلة ليكتب مقالاً قصيرًا، يُركِّز فيه المعلومات التي ما أن يقرأها مُتَابعُه؛ حتَّى يحس بجهده، وأنَّه أفاده وأضاف إليه جديدًا، وزاحمت الصحف وسائل إعلاميَّة جديدة أسرع في نقل الأخبار، وأرحب فيما تبثه من معلومات، ممَّا يفرض على محترف الكتابة الصحفيَّة أن يُجدِّد ذاكرته كلَّ يومٍ، حتَّى يُمكِّنه أنْ يُواصل الكتابة، وحتَّى لا يملَّه الناس، أمَّا الكاتب الذي يُكرِّر نفسه، ودومًا يستقي موضوعاته ممَّا ينشره الكُتَّاب الآخرون، مؤيِّدًا لهم، حتَّى ولو كان ما يكتبونه منتقدًا، مثل ما نراه اليوم ينصبُّ على انتقاد ما يصدر عن علماء دين، أو دعاة، وما قد يفتي به جاهل لا يُؤبه له، فتجد الصحف قد امتلأت بالنقد له، والسخرية منه، وكثير من هذا لا يرقى أن يكون كِتَابة صحفيَّة ناضجة، تجتذب القُرَّاء، بل إنَّه لونٌ من التنفيس، ممَّا تمتلئ به الصدور كراهيةً للقيود، حتَّى لو زعم أنَّ مصدرها الدِّين، ويكاد أن يكون العديد من كتَّابنا نُقَّادًا للأفكار الدينيَّة، ولو نقصهم في الغالب الاطِّلاع عليها في مصادرها الأصليَّة، وإنِّي لأطمحُ أن أرقَى بما أكتبُ لمَا أدعو إليه، وأتمنَّى أن أقرأ مثلَه عند جُلِّ كُتَّابنا، وفَّقنا الله جميعًا لما يحب ويرضى.


أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»