نصف المعرفة.. جهلٌ مُقنَّع!



(١)


سبق أن كتبتُ أنَّه لا توجد صفة أقبح من «الجهل»؛ لأنَّها بإمكانها أن تجرَّ وراءها العديد من الصفات القبيحة: بإمكانك أن «تستعبد» الجاهل.. ورغم هذا يظنُّ أنَّه حُرٌّ!

الجهلُ حتَّى وإن دخل في الفضيلة، يُحوِّلها إلى رذيلة:


الكرم - مع الجهل - يتحوَّل إلى إسراف..

الشجاعة - مع الجهل - تتحوَّل إلى تهوُّرٍ غبيٍّ..

حتَّى إعجابك بلعبةٍ ما، وتشجيعك لفريقك المُفضَّل، مع الجهل يتحوَّل من متعةٍ وفنٍ، إلى شتائم، وعبارات منحطَّة.. وأحيانًا عنصريَّة!

ضع «الجهل» بجانب أيِّ صفة حميدة.. ستتحوَّل إلى صفةٍ ذميمةٍ.

ضعه بجانب أيِّ شيءٍ جميلٍ.. سيتحوَّل إلى شيءٍ قبيحٍ!

(٢)

جرِّب أنْ تحاول نزع قيود الجاهل: سيُقاومك.. ويظنُّ أنَّك تريدُ نزع ملابسه!

جرِّب أنْ تدله على الطريق.. سينظرُ إليك بريبةٍ ظنًّا منه أنَّك ستُضيِّعه عن الدروب التي اعتاد عليها!

راقب تصرُّفات «الجاهل».. ستجده:

- أوَّل مَن يروِّج الإشاعة.

- وأوَّل مَن يمتدح المشعوذ أكثر من الطبيب.

- وأوَّل مَن يقوم بتحويل مئة دولار لحساب لا يعرفه، وعده إيميل مجهول بأنَّها ستعود إليه مليون دولار!

- وأوَّل مَن يشتم والدتك؛ لأنَّك اختلفت معه بأمرٍ ما.. أو لأنَّك -ببساطة- لا تُشجِّع فريقه المفضَّل!

- وأوَّل مَن يُصفِّق للطاغية.

(٣)

والأسوأ من هذا الجاهل الصريح المباشر، هو «الجاهل المُقنَّع» الذي ظنَّ -مع ثورة المعرفة- أنَّه يعرفُ، وهو لا يعرف.. فقط لأنَّ لديه حسابًا في تويتر، والفيسبوك، ويتابع بعضَ الأولاد على سناب شات: يقرأ سطرًا هنا، وسطرًا هناك، ويرى مشهدًا لا يتجاوز الدقيقة الواحدة، ثمَّ يأتي بعدها ليناقشك: عن الأزمة الاقتصاديَّة في اليونان، وعن أسلوب زيدان في تدريب ريال مدريد، وأسباب التدخُّل الروسي، وآخر المساء.. يُحدِّد لك ما هو الحلال والحرام!

أجهل الجهلة هذا الذي يظنُّ أنَّه يعلم!

الجاهل لا يحملُ رأسًا فارغةً، بل هي ممتلئةٌ بالكثير من المعارف التي لا قيمة لها!

يؤمنُ بالخرافات، ويخافُ أنْ يظهرَ له الجان في زاوية الشارع، ويُفضِّل الذهاب إلى مشعوذٍ أكثر من الذهاب إلى عيادة طبيبٍ نفسانيٍّ.. ونصف الأمراض التي تصيبه هي بسبب «العين» والحسد.. رغم أنَّه لا يمتلكُ أيَّ شيءٍ يُحسد عليه! باستثناء: عقله «النظيف جدًّا».. لقلَّةِ استخدامِهِ له!!

(٤)

كانَ الجهلُ، وما يزالُ، وسيظلُّ:

آفةَ الآفاتِ، ومصنعَ الطغاةِ الأوَّل!

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»