مسلمات طبيبات وعالمات فضاء وفلك ورياضيات (2)

أواصل تسليط الضوء على صفحات مشرقة من إسهامات المرأة المسلمة في بناء الحضارة الإسلاميَّة، والمُعتَّم عليها من قِبَل بعض المؤرِّخين العرب المُعاصرين، وسأتحدَّثُ في هذه الحلقة عن عالمات في الرياضيَّات والطب.

• لبنى القرطبية (ت: 374هـ/984م): نحويّة وشاعرة، وقد عدَّها السيوطي في طبقات اللغويين والنحاة، وكانت أيضًا عالمة رياضيَّات ومدوِّنة الخليفة الحكم المستنصر بالله، وكان يثق فيها كثيرًا حتَّى أسندَ لها التوقيع عنه، وكان عمل المدوِّنين في ذلك الوقت تدوين الكتب وترجمتها، لكنَّها لم تكتفِ بذلك، بل كانت تضيف أفكارها وحلولها للمعادلات الرياضيَّة، وتُعدِّل الأخطاء التي تجدها في الكتب. وكانت تجد حلولاً لأصعب العمليَّات الرياضيَّة. ولها الفضل في إنشاء المكتبة الشهيرة في مدينة الزهراء. وقد عيَّنها الخليفة مديرة أمور المكتبة الملكيَّة، التي كانت من أهم المكتبات في العالم في ذلك الوقت.


• أَمَة الواحد سُتَيْتَة بنت القاضي أبي عبدالله الحسين بن إسماعيل المَحَامِلِي الضبي (تُوفيت: 377هـ/987م بِبغداد)، فهي فقيهةٌ ومُفتيةٌ وعالمةُ رياضيَّات ومحدّثةٌ من رواة الحديث النبوي. ويذكر البروفيسور سليم الحسني عن علمها بالرياضيَّات، فيقول: «اعتاد الناس حين بناء منازلهم على إعطاء ما يُشبه المقاولة للعمَّال، فإذا تمَّ بناء نصف المنزل فقط لسببٍ ما، يتوجَّه النَّاس بشكواهم إلى القاضي، فيلجأ الى خبراء الحساب، مثل سُتيتة التي كان يتم الاستعانة بها باعتبارها شاهدًا علميًّا في محاكم بغداد؛ حيث كانت تستخدم الرياضيَّات في حل المسائل المستعصية على القضاة». وقد تركت لنا مجموعة من المسائل الرياضيَّة والحلول المبتكرة لها، وبجانب علمها بالرياضيَّات والفقه فقد كانت راويةً للحديث.

• زينب طبيبة بني أود: كانت عارفةً بالأعمال الطبيَّة، خبيرةً بعلاج ومداواة آلام العين، والجراحات المشهورة بين العرب، نقل صاحبُ الأغاني عن كناسة عن أبيه عن جدِّه قال: «أتيتُ امرأةً من بني أود لتكحِّلني ممَّا كان أصابني، فكحَّلتني..».


• صارة الحلبيَّة: أصلها من الشام، ووفدت على تونس، شاعرةٌ وأديبةٌ وطبيبةٌ ماهرةٌ، كانت تتعاطى كثيرًا من الصناعات، فتُجيدُ في ذلك، وتكتبُ الخطَّ الجيِّدَ، وتحل الذهب بمعرفة وخبرة، فتكتب به، وكانت تفد على الملوك والأمراء، وكان لها إقدام في الكلام، وارتحلت إلى الأندلس، فوفدت على أبي عبدالله محمد بن محمد بن نصر المدعو بابن الأحمر من ملوك غرناطة حكم من سنة 671 - 701هـ، ثمَّ وفدت على الأمير أبي يوسف بن عبدالحق المريني، الذي تولَّى الحكم من سنة 656 - 685هـ، واستولى على مدينة مراكش خلال عام 667 هـ. وتوفيت في مراكش.

• وفي العصر المرابطي بالغرب الإسلامي، كانت تميمة بنت السلطان المغربي يوسف بن تاشفين، من البارعات في العلم، كذلك كانت أم عمرو بن زهر أختُ الطبيب المشهور أبي بكر بن زهر ماهرةً في الطبِّ النظريِّ والعمليِّ.

• وقد ذكر ابن حزم في كتابه الشهير المترجم إلى معظم لغات العالم «طوق الحمامة في الألفة والإيلاف»، أنَّ النساء في الأندلس كُنَّ يعملنَ في مهنٍ متعددةٍ، منها الطب، والدلالة، والتعليم، والصنائع كالغزل، والنسيج.

هذا.. وبالله التوفيق.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»