رحم الله من عرف قدره!

«وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيْعًاَ وَلَا تَفَرَّقُوا»، آية قرآنيَّة كريمة نكرِّر تلاوتها في العديد من المناسبات. إلا أن هناك من يخالفونها ويتفردون بالرأي دون إجماع الأمَّة، اعتقادًا بأنهم الأصوبُ رؤية، والأعقلُ تقييمًا للمصالح، غير مبالين لمقدار الدماء التي تنزف بكثافة بمُدًى فارسيَّة لتكون قربانًا لاستعادة عرش كسرى ودولة الصفويَّين، وتمزيقا للحمة أمَّة العرب وإنهاكها وفرط عقد وحدتها. لذا لا غرابة في تمرُّد الأخ الأصغر على إخوته الأكبر منه سنًّا والأعرق نضجًا وخبرة وممارسة سياسيَّة.

وكما أنَّ لكلِّ حدثٍ مسبِّبا، فقد أقيمت على الساحل المتصالح عدَّة إمارات. ولولا حكمة الشيخ زايد -يرحمه الله- وتمكُّنه من احتضان إخوانه شيوخ الإمارات، ولمِّ شملهم الذي انتهى بإقامة دولة الإمارات العربيَّة المتَّحدة، لرأيناها اليوم إمارات متخاصمةً فيما بينها، كما حصل مع إمارة قطر، التي انسحبت من الاتِّحاد من البداية، وأقامت دولة خاصَّة بها تسعى -على صِغَر حجمها وقلَّة عدد سكَّانها- لأن تحتلَّ دور الدولة العظمى في الخليج، في محاولة منها لتكون صاحبة اليد الأقوى على جيرانها. فهي كما نراها اليوم تعاكس وتشاكس وتخرج عن إجماع جاراتها. وذات الحال مع الإخوة الفلسطينيِّين الذين تفرَّقوا فاحتلَّ الصهاينة القدس الشريف، والتراب الفلسطيني، فكانت الانتفاضات لاسترجاع ما فُقد بالقوَّة، بزعامة منظَّمة التحرير وعضويَّة العديد من المنظَّمات والجبهات التي فاقت في عددها وتعدادها عدد الدول العربيَّة والمنظمات الإقليميَّة والدوليَّة. كلٌّ يقاتل على هواه لحساب غيره! ومن ثمَّ وُلدت حماس من قطاع غزَّة بشعاراتٍ إسلاميَّة! فالنصر من عند الله. والله ينصر من ينصره، تلميحًا بأنَّ منظَّمة التحرير وقادة فتح مشكوك في صدق عقيدتهم. فوقع الانقسام والعداء والتخوين بين الإخوة، فانبرت القيادات السعوديَّة بالتعاون مع العديد من قادة العرب المخلصين في رأب الصدع وجمع الكلمة بين الفريقين المتخاصمين إلى أن تمَّ الاتفاق بين قادة فتح وقادة حماس على العمل المشترك، ووقفوا جميعهم أمام باب الكعبة المشرَّفة في أمسية من أمسيات شهر رمضان متعاهدين على الالتزام بالعمل معًا يدًا واحدة وقيادة واحدة! إلا أنه حتَّى هذه الساعة ما يزال حال الانقسام على ما هو عليه.


إنَّها سياسة فرَّق تسد التي وضع المستعمر أصول لعبتها من بدايات رسمه لخريطة الوطن العربي. غير أنَّه إذا ما سادت هذه السياسة بعض الوقت، فلن تسود على مدى التاريخ، ما دامت الأرض عربيَّة ولسان القوم عربي.

قديما قالوا: كلَّما حاول الصغير لباس من هو أكبر منه، بدا أصغر حجمًا ممَّا كان ومن الآخرين، وضاع بين زحمة الأهل والعشيرة والقبيلة، حتَّى بين من ينتسب إليهم عروبةً وعقيدةً. ورحم الله مَن عرف قدره ووقف عنده. ويحضرني بيت لشاعرٍ:


إِنَّ الزَّرازِيْرَ لَمَّا قَامَ قَائِمُهَا

تَصَوَّرَتْ أَنَّهَا صَارَتْ شَوَاهِيْنَا!

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»