أسلمة العصر أم عصرنة الإسلام؟

إن مصطلح أسلمة العصر وعصرنة الإسلام مصطلح جديد ظهر علينا، ولن يكون الأخير، وبالتأكيد ليس الأول في المصطلحات الحديثة، ويعنينا منها المضمون، ويُقصد بأسلمة العصر أم عصرنة الإسلام، هل نُكيِّف الإسلام على العصر ومستجداته، أم نخضع كل مستجد للإسلام؟، وحقيقة لن نُعصرن الإسلام، لأن الإسلام يواكب كل عصر وزمان، وقد سبق إلى الارتقاء بالإنسان بعد أن كان في جاهلية وظلمات، وأما ما استجد في الحياة من تطوُّر، فلا مانع في الإسلام حوله، ولم يمنعنا الإسلام من التطور، بل أمرنا بالعلم والتعلُّم، وما أكثر الآيات الكريمة من الله -عز في علاه- في هذا الشأن، والأحاديث النبوية الشريفة أيضًا، على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم، ولما فهم المسلمون الأوائل واجبهم في عمارة الأرض بما يرضي الله، كان لهم السبق في جميع فنون العلوم بأسرها، وأرسوا قواعدها، وانطلق منها الغرب بعد أن ضعف المسلمون وغرَّتهم الدنيا، وسعوا وراء الشهوات ومُتَع الدنيا.

إذًا الخلل الحادث في مفهوم البعض للإسلام أدى إلى ظهور المصطلح هذا وما شابهه، والعتب هنا على بعض فقهاء الأمة، لأنهم قصر مفهومهم عن الحق وعن المراد من كثير من أحكام الشرع الشريف والسعة في الأمر، فحجروا واسعًا بمفاهيم قاصرة، وتوسُّعوا في قاعدة درء المفاسد، وقدَّموها على جلب المنافع، وعن المصالح المرسلة، فتأخَّر المسلمون، وأي تأخر وصلنا إليه، فإذا ما أردنا التقدم وليس السبق، احتجنا إلى سنوات عمل دؤوب، نعمل فيها بجدٍّ واجتهاد.


والأدهى أننا بما منَّ الله علينا من أموالٍ جلبنا بها الترف، ولم نستثمرها الاستثمار الأمثل الذي يجلب النفع، ويساعد على تنشئة الأجيال القادمة تنشئة تُقوِّي سواعدهم في البناء والتنمية، بل دفعناهم إلى الاتكالية، وأشغلناهم في مفاهيم فرَّقت شملهم وشمل الأمة ككل، فبدلًا من الاتحاد على ما اتفقنا عليه من مفاهيمٍ وأحكام إسلامية، زرعنا الفرقة بما اختلفنا عليه، مع أن كثيرًا من الأحكام الإسلامية حمَّالة أوجه، ويجوز فيها الأخذ بعدة آراء، ولكل فريق حججه وبراهينه.

وأتوقع أنني توصَّلت مع القارئ الحبيب إلى أن لا عصرنة للإسلام ولا أسلمة للعصر، بسبب أن الإسلام عصري كما أسلفت ويواكب كل تغير، ولن استطيع أسلمة العصر، لأن بعض الأمور حرام، وإن تغيَّر اسمها في الحاضر، وكذا الثوابت لا تغيير لها البتة مهما الزمان تطور وتقدم، ومن أمثلتها لحم الخنزير، لما استطاع الغرب اكتشاف الدودة الشريطية المزروعة في لحمه وسحبوها منه، فلن يحل بهذا أكله للمسلمين، لأن العلة في التحريم وإن كان ظاهرا منها شيء، فما خفي كان أكبر، والبعد عن الحرام طاعة مطلقة، وليس مشروطًا بالسبب ولا بالعلة في التحريم.


وما اتكالي إلا على الله، ولا أطلب أجرًا من أحد سواه.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»