الـحج .. ومُعضلة السّلوك والأخلاق

الـحمد لله الذي يـمنّ على عباده الـمؤمنيـن بـمواسم يبدّل فيها سيئاتـهم حسنات، ويغفر بكرمه الذنوب ويـجبـر العثرات، ويُعْطِي فيها من الأجر والثواب ما لايُعْطِي فـي غيرها من الأوقات.

من الفوائد الكبرى لـمثل هذه الـمواسم العظيمة، تـهذيب السّلوك البشري وضبط الأخلاق الإنسانية، بـما يتوافق مع أحسنها وأكملها، فالـمسلمون يـجتمعون سوياً على مناسك وشعائر واحدة، ويلتزمون بنمط متناسق، ويشاركهم بوجدانه وأضحيته وصومه حتى من لم يـحجّ منهم، فـي صورة إيـمانية روحانـية غاية فـي الجمال والإبداع.


ويلاحِظ الـمرء في هذه الـمناسبات على كثير من الـمسلمين، اقتصار عباداتـهم بشكلٍ عام على أدائها البدنـي وترداد اللسان، والاهتمام بالـمظاهر والأشكال والصور، مُتجاهليـن معانيها ومقاصدها وتوجيهاتـها الـعُليا، إذ كيف يـُمكن تفسيـر انتشار همجية السلوك وانـخفاض الأخلاق والذوق العام خلال تـجمّعاتـهم فـي الشوارع والـمحافل والأسواق وأماكن العمل، وحتى خلال أدائهم شعائرهم الدينية، إضافة إلى انتهاج عددٍ غيـر قليل منهم منهجاً لا يعكس تعاليمهم الدينية التي تدعو إلـى مكارم الأخلاق ؟!.

متى يرتقي كثيـرٌ من الـمسلميـن بعباداتـهم الـحسّية إلـى مراتبها الـمَعنوية والسّلوكية، ويُدركون مقاصِدها التشريعية، فيتعلّمون الرفق والـحُلْم والأناة، ويـُمارسون التواضع والسكينة واحترام الاختلاف، ويتجنبون الغِلْظة والغِيبة وطرق الفساد الإداري، ويتخذون من سلامة الذوق العام طريقة حياة يتعاملون بـها مع الناس ؟!.


من الـجميل أن تتحول عبادة الـحج –

وغيرها من العبادات - إلى منهاج حياةٍ وطريقة معيشة، تـخضع معها الـجوارح ويسلمُ بـها الصّدر، وترتقى بـمقتضاها الأخلاق، فيتحوّل الـمعنى العميق إلـى عمل رقيق، وتقوى الله إلى سلوك رحيم، وأدب النبي الكريـم إلى واقعٍ قرآنـي ملموس، يتـرجـمه الـمُسلمون إلى أجـمل صورة، فيها حسن التمسّك بالقوانيـن الـمدنية الـمُـنَظِّمة لعلاقاتـهم الإنسانية، ويتجنّبون الـجدال والتنابز بالألقاب، والقدْح في الأنساب، ودعوى الجاهلية، ويـخرجون من وحْل الردّة الـحضارية الاجتماعية والعِلْمية التي سقطت فيها معظم مُـجتمعاتـهم.

إنّ من كمال الدِّين وتـمام النعمة فـي هذه الـمناسبة السّنوية الـجليلة، أن يتوب الـمُسلم عن أكل الـحرام وإيذاء غيـره، ويفي بوعده، ويكفّ عن ظلم رعيته ومرؤوسيه، ويتحرّى الـجميل من الألفاظ، ويُتقن العمل، ويبادر بالـمعروف والإحسان، ويتحرّى الصدق والسماحة، ويستحي من الله أن يـحجّ بدنُه، ولا يـحجّ إلـى الله قلبُه وخُـلُـقه.

أخبار ذات صلة

اللا مركزية.. بين القصيبي والجزائري
الصناعة.. وفرص الاستثمار
ما الذي يفعله ذلك الزائر السري؟
نظرية الفاشلين!!
;
رؤية المملكة.. ترفع اقتصادها إلى التريليونات
أوقفوا توصيل الطلبات!!
نواصي #حسن_الظن
قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
;
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
;
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني