في مسألة التديُّن المزيف (1 - 2)

كان الوالد يرحمه الله يحدثنا دوماً عن ما عرف من الرجال ممن اهتموا بمظاهر التديُّن وهم في حقيقتهم غير ما يظهرون، بعضهم يتطلع إلى المناصب وبعضهم إلى جمع المال وحب الدنيا ومتاعها، ولهذا كان يردد دوماً بأن التدين الذي لا ينعكس أثراً على السلوك هو تديُّن أجوف. بعضهم يقولون ما لا يفعلون وبعضهم يمنون أنفسهم قدراً لا يستحقونه ، وفي كل الأحوال فالأمر لا يخلو من خلل في شخصيات بعضهم وهم قِلُّة بحمد الله.

إلا أن التديُّن المنحرف له أسباب نفسية وأخرى علمية تتجسد في قول المرء وفعله أو ما يصدر منه من أحكام على الأفراد أو الأشياء، وقد نبَّه القرآن إلى خطورة بعض الأحبار والرهبان عندما جعلوا الدين كهانة تُصطاد بها المنفعة (إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ) .وقد نبَّه سيد البشر من هؤلاء وأمثالهم ممن يُطيلون الصلاة والقراءة ولكن عبادته لا تُزَكي سريرته ولا تُشفي قلبه. لعلنا نسترجع قصة سيدنا عمر بن الخطاب وهو يسأل عن رجل ما إذا كان أحد الحاضرين يعرفه ،فقام رجل وقال: أنا أعرفه يا أمير المؤمنين، وسأله عدة أسئلة، لعلك جاره ،فقال لا، فقال عمر لعلك صاحبتُه في السفر، فقال الرجل: لا، فقال عمر لعلك تعاملت معه بالدرهم والدينار فهما يكشفان معادن الرجال، فقال: لا، فقال عمر لعلك رأيته في المسجد يهز رأسه قائماً وقاعداً ،فقال: أجل، فقال عمر: اجلس فإنك لا تعرفه.


ربما كان ابن الخطاب يعرف أن الصلاة ممكن أن تكون مظهراً لمحتال وربما عرف أن اللحى يمكن أن تكون مظهراً يختبئ خلفها البعض وأن العباءة السوداء ليس بالضرورة تختبئ تحتها أكثر النساء حشمة.

مظاهر التديُّن أمر محمود ونحن نعتز بِدِيننا شكلاً ومضموناً دون أن نتمسك بالشكل ونترك المضمون. (للحديث بقية)

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»