قم للمعلم

قبلَ اثنتين وتسعين سنةً وقفَ أميرُ الشعراءِ أحمد شوقي في حفلٍ مَهِيبٍ أقامتْه مدرسةُ المعلمين العُليا، وهي مدرسةٌ كانتْ تخرِّجُ المعلّمين وتُعِدُّهم لأداءِ رسالتِهِم. وَقَفَ شوقي يومَها وأنشدَ قصيدتَهُ الذَّائعةَ والتي سَرد فيها السلسلة النورانية من المعلمين الأنبياءِ صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهم، ذكرَ شوقي فيها معنى مهما وهو أثر المعلم في الشباب قال رحمه الله:

وإذا المعلّمُ لم يكنْ عَدْلاً مَشَى


رُوحُ العَدالةِ في الشَّبَابِ ضَئيلا

وإذا المعلِّمُ ساءَ لحظَ بصيرةٍ


جاءتْ على يدِهِ البصائرُ حُوْلا!

إنَّ الزاويةَ التي يُشيرُ إليها أميرُ الشعراءِ هنا هي زاويةُ (التأثيرِ)، التأثيرُ الذي يتركُهُ المعلمُ في الأجيالِ، فالمعلِّمُ لا يمكنُ أنْ يكونَ بلا تأثير! فهو إنْ لم يؤثِّرْ في طَلَبتِهِ إيجابا فسيُؤَثِّرُ فيهم سَلْبا، فيجيئون حُولَ البصائرِ، فاقدينَ لروحِ العَدالةِ!

إنّه التأثيرُ الذي يُعدُّ سمةً لازمةً للمعلمِ.

فالتعليمُ إذنْ مَدَارُهُ على التأثيرِ، و(المعلِّمُ) لا ينفكُّ عن التأثيرِ، إنّه يضعُ بَصمتَهُ على الأجيالِ تِلْوَ الأجيالِ، يَتْرُكُ علامةً في قلبِ وروحِ كلِّ طالبٍ مرَّ من بين يديهِ، وكم في ذكرياتِ كلِّ واحدٍ منّا من معلِّمينَ أسهموا في صياغتِهِ! وكم في ذكرياتِنا –

ربَّما- من مُعلِّمينَ تركوا آثارا سيئة!

ومِنْ هنا كانتِ العنايةُ بالمعلّمِ تأهيلا وتطويرا وتدريبا وتحسينا للأداءِ واجبا من أعظمِ الواجباتِ، ودَينا للأمةِ على عنقِ كلِّ من وليَ من أمرِ التعليم شيئا.

حين ندرِّبُ معلما كفؤا فإنَّنا في الحقيقةِ ندرِّبُ جيلاً، ونُنشئُ رعيلاً، ونهبُ الوطنَ كنوزاً بشريةً تحملُ المشعلَ إلى المستقبلِ.

ومن هنا كانتِ الدولُ الحضاريةُ كلُّها تنظرُ إلى (تطوير) المعلمِ نظرةَ اهتمامٍ، وقد ذُكِر أن شرائحَ من القضاةِ والأطباء والمهندسين طالبوا المستشارة الألمانية برفعِ رواتبهم لتكون مساويةً لرواتب المعلمين، فقالت لهم: كيف أساويكم بمن علموكم؟.

هكذا إذن يُشكِّلُ (تدريب المعلم) و(العنايةُ به) محور ارتكازٍ لدى كلِّ بلادٍ تنشُدُ المستقبل المشرقَ. في زَمنٍ صَعبٍ تَعْصِفُ به الحوادثُ والكوارثُ، وتَـمُورُ فيه النّظرياتُ والأفكارُ، وتكثر فيه –وللأسفِ- أفكارُ الغلوّ والتطرفِ، والتفلتِ والانحلال.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»