الرباط الصليبي و«مانع الكتابة»

من الطبيعي أن تمر على الإنسان فترات من فقدان التوازن في جوانب معينة من حياته تتسبب في تغير مزاجه حيال بعض الأمور، فالشخص المعتاد على الرياضة مثلاً قد تمر عليه أيام أو أسابيع من الخمول الذي لا علاقة له بالوقت أو النشاط البدني، فهي قد تكون مجرد حالة مزاجية لا إرادية تحول دون وجود رغبة لديه في ممارسة الرياضة. والشخص المعتاد على الكتابة أو القراءة قد تمر عليه أسابيع لا يفتح فيها كتاباً أو يكتب كلمة. وهذه الحالة الأخيرة قد تكون أكثر تعقيداً، ويوجد لها مصطلح معروف هو «مانع الكتابة» وترجمته باللغة الإنجليزية Writer›s Block والذي تعرفه ويكيبيديا بأنه «حالة يمر بها الكاتب يفقد فيها القدرة على إنتاج عمل جديد، أو يمر بحالة من البطء الإبداعي». وتتفاوت درجة هذه المشكلة من حالة لأخرى، فقد تكون مجرد حالة عابرة لأيام أو أسابيع، في حين أنها تصيب البعض لسنوات. وهناك عدد كبير من الكتاب الذين عانوا منها، ومجرد كتابتنا لكلمة Writer›s Block

في محرك بحث جوجل سوف يستدعي لنا قائمة طويلة من الأسماء الغربية الذين توقف إنتاجهم الثقافي إما مؤقتاً أو بشكل مستمر ولم يعودوا بعده إلى نشاط الكتابة نهائياً. والحقيقة أننا لو تمعنا في الوسط الثقافي والأدبي لدينا فإننا سوف نجد كثيراً من الأسماء التي برزت ثم اختفت دون سبب معروف. ومن غير المستبعد أن يكون ذلك السبب هو «مانع الكتابة». وربما أيضاً لو أنه كان هناك بعض الوعي لدى أولئك الكتَّاب حول هذا «الداء» لاستمر بعضهم في العطاء ولم ينتهوا بهذا الشكل الصامت.


وهناك العديد من الأسباب التي يمكن أو تؤدي إلى هذه الحالة، منها أسباب تتعلق بالكاتب نفسه مثل ارتفاع سقف التوقعات لديه تجاه ما يكتب، أو الإحساس بالإحباط أو حتى الاكتئاب، ومن الأسباب أيضاً أن يكون الكاتب قدَّم كل ما لديه وليس لديه المزيد مما يقدمه. وقد تكون الأسباب خارجية تتعلق بوجود مشاكل في بيئة الكتابة نفسها كونها غير مشجعة لسبب أو لآخر.

لا شك أن الإبداع الأدبي والعلمي مهم لأي مجتمع، وهناك مسؤولية مشتركة للحفاظ عليه ورعايته، وأحد طرق ذلك هو النظر إلى هذا المانع للكتابة على أنه داء قاتل ومدمر للمواهب والكفاءات ينبغي مواجهته بالتوعية والوقاية والعلاج. ومثلما أننا نعرف تقريباً كل شيء عن إصابات الملاعب القادرة على إنهاء المواهب الكروية، ومنها تمزق الأربطة والغضروف وخلع المفصل وغيرها، فنحن من باب أولى بحاجة لمعرفة تلك الأسباب التي تعوق الكفاءات الأدبية والثقافية وتنهيها قبل أوانها.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»