القضاء والمظالم

الأصل في القضاء إنما شرعه الله لإقامة العدل بين الناس، فربنا عز وجل يخاطب رسوله -صلى الله عليه وسلم- فيقول: (وَإنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ)، والقضاة ثلاثة أصناف، كما ورد بذلك الحديث: قاضٍ عرف الحق: أي عرف الحكم ودليله ومواقع تطبيقه، فحكم بما عرف بالدليل والبينة فهو في الجنة، وهو أسعد القضاة وأعظمهم عند الله ثوابا، والثاني: قاضٍ عرف الحكم، ولهواه، حكم بغير الحق اتباعًا للهوى، أو مال إلى أحد الخصمين فحكم له دون أن يكون صاحب الحق في القضية، وهذا في النار ولاشك، وأما الثالث: قاضٍ لم يعرف الحق ولم يفهم حكم الشرع فقضى بجهل، فهذا أيضًا في النار، وهذا تنبيه لمن يتولى القضاء أن يتأهل للقضاء علمًا وتدريبًا، ثم الأهم من ذلك تقوى وورع يتميز بهما عن باقي من علموا أحكام القضاء، وهو يحكم بين العباد بما في الشريعة من أحكام، لذا قال الله عز وجل: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ)، وهذا بلاشك من حكم دون علم، وهو جاهل بموارد النصوص وما تدل عليه، فإذا كان عامدًا ذلك فهو حتمًا يدخل إلى مرحلة مظلمة عبر عنها الله بالكفر، لأنه لم يدرأ عن نفسه عذاب الله، فتعلَّم فحكم بعلم فنجا، وقال في آية تالية: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، وهذا قد عرف الحق ولكنه حكم بغيره، إما انحيازًا لأحد الخصمين، أو اتبع هواه، ولم يحكم بالشرع، أو ارتشى فحكم لمن رشاه وهو ظالم لنفسه وللخصم، وهما معًا مَن حكم ظلمًا ومَن حكم له ممن لعنهم الله على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- فقد صح عنه من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: (لعن الله الراشي والمرتشي)، لهذا كان في الماضي الكثير من العلماء ينفرون من تولي منصب القاضي، خشية ما توعَّد الله به من حكم على الخلق ظلمًا، حتى أن بعض الأئمة لم يرض بتوليه، وكم من العلماء من تعرض للعقوبة ولم يلِ القضاء لهذا السبب، فسيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم يقول على لسان ربه: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا)، ويقول: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم أن سفكوا دماءهم واستحلّوا محارمهم)، فاللهم احفظنا أن نرتكب معاصيك واهدنا لطاعتك يا كريم.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»