نملة تُشعل قضية!

‏* من أبرز التحديات التي تواجه القطاع العدلي هو طيلة فترة التقاضي، والذي تعمل وزارة العدل على ضوء رؤية ٢٠٣٠ على علاجه؛ حيث يستهدف برنامج التحول الوطني أن لا يزيد متوسط عدد الجلسات لإغلاق القضية عن ٥ جلسات فقط.

* وفي هذا المقال أتطرّق لسبب مهم لهذه الإشكالية، ويتعلق بدور جزء من المجتمع وثقافته، وهو: تدفق توافه القضايا، إذ تعج المحاكم بقضايا أقل ما يقال عنها إنها بسيطة و»لا داعي لها»، يلجأ أصحابها لجر خصومهم إلى المحاكم، و»مرمطتهم» في الجلسات والإجراءات، دون سبب معقول في كثير من الأحيان.


* وللفصل في مثل هذه القضايا ينشغل أولاً قسم الشرطة ثم أروقة النيابة العامة ومن ثم تعقد جلسات قضائية لإصدار الأحكام، ما يشكل عبئًا على الأجهزة القضائية، وإساءة لحق التقاضي ومجانيته، والذي كفلته المملكة الرشيدة، في نظامها الأساسي للحكم، وتعسّفاً في استعمال هذا الحق المشروع، فإشغال المحاكم وإهدار أوقات القضاة بأمور غير مهمة ويستطيع حلها طلاب المدارس- سيؤثر بالضرورة على من يحتاج للمحكمة بشكل جدي ومُلِحّ.

* وحتى يتضح المراد، إليكم قضيتين من أمثلة هذه القضايا، مما تداولته وسائل الإعلام المختلفة، وهي غيض من فيض، وقطرة من بحر، والذي يريد الاستزادة، سيبلغ مراده وزيادة.


* إحدى القضايا كانت بسبب قميص! حيث رفع أحدهم دعوى جنائية ضد زميله في العمل بحجة أنه أمسك بقميصه، واستمرت جلسات القضية بحضور الخصوم والشهود ١٠ أشهر، وانتهت بصرف النظر عنها؛ حيث أكد قاضي المحكمة الجزائية في حكمه وفقاً لصحيفة عكاظ (عدد ٢٢/٤/٢٠١٧) أن القضية «لا ترقى لأن يرفع فيها دعوى عامة؛ لعدم وجود المستند الشرعي والنظامي في رفع مثل هذه الدعاوي التافهة»!

* أما القضية الغريبة فكانت بسبب «نملة!» حيث جاء في «قناة العربية» وصحف أخرى، أن مواطنًا رفع ضد مقيم دعوى قضائية، بحجة قيامه بسحل ودهس «نملة» أمام عينيه، مضيفاً أن النمل «مخلوق من مخلوقات الله وله حق على الخلق»، وطالب بمعاقبة المدعى عليه بحزم.

وكان رد القاضي نبيهاً ذكيّاً: «دعواك قبلت وبصفتك وكيلاً لنملة، يتضح لي خلال ملف القضية أنك لم تحضر وكالة شرعية من ذوي النملة التي قتلها المدعى عليه، ولا يمكن النظر في قضية ما لم يكن المعني بالأمر حاضراً أو له وكيل شرعي»، ووعده بسماع الدعوى إذا أحضر وكالة شرعية من ذوي النملة! عندها لم يجد المواطن إلا أن يغادر المحكمة.

* ختاماً، تذكروا أن الذي يصنع من الحبة قبة، ويشتكي كثيرًا، يخسر محبة الآخرين، ويسمى بينهم «راعي مشاكل»، فينفرون منه، ويتحاشون معرفته ومعاملته، لذلك أيها الأعزاء، حاولوا معالجة الأمور البسيطة فيما بينكم، بتسامحكم وحكمتكم، ودمتم متسامحين!

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»