الابتكار الذي لوى أعناق البشر

• لوى، يلوي، لوياً، واللوي هنا ماديّ محسوس كانحناء القوس.

• أما بعد:


• من ذا الذي تَخيَّل اليوم الذي سيجمع فيه الواحد منّا وزارتي الإعلام والاتصالات في جيب ثوبه؟

• بل ويستطيع ذلك (الواحد) وهو مستند على الأرائك إنجاز معاملاته البنكية، وتسديد مخالفات المرور ورسوم الجوازات والبلديات، وإجراء حجوزات الطيران والفنادق، وشحن رصيد شريحة جوّاله وجوّال غيره! ناهيك عن معرفة نتائج اختبارات أولاده في نهاية العام الدراسي والتقديم على الجامعات، والتسجيل في برنامج الإعانة الاجتماعية (حافز) وحساب المواطن المُنتظر و... و...إلخ.


• جهاز صغير بحجم كف اليد، لكن منافعه كبيرة كثيرة. إنّه جهاز الهاتف الجوّال، وفي رواية أُخرى الخلوي، النقال، الذكي، المحمول، الموبايل إلى آخر تلك المسميات الجهويّة منها والعولميّة (إن جاز التعبير).

• ذلك الجهاز الأعجوبة الذي جمع المتفرّق وفرّق المُتجمّع وساوى (في الاستخدام) بين علية القوم وعامتهم صغيرهم قبل كبيرهم، فرض وجوده وسطوته، إذ من النادر رؤية رجل أو امرأة، كهل أو صبي إلا وقد (دنّق) وأطال «البحلقة» بشاشة جهازه، بل وكثيراً ما شُوهِدَ من يضحك بصوتٍ عال، دون سبب واضح للعيان، أو يُؤشِّر بيديه أثناء مكالمة طرف آخر حتى ليحسب الرائي أن القوم أضحوا يُكلّمون أنفسهم، وتلك صفة من صفات (الخَبَلْ).

• كان التلفاز في (زمن الطيبين) يفرض الصمت على الجلوس حوله؛ حتى لا تفوتهم شاردة ولا واردة مما يُعرض على شاشته، واليوم لا يُستغرب رؤية ثلاثة أفراد من عائلة واحدة يضمّهم مجلس واحد قد لفّهم الصمت بردائهِ، فلا تسمع لهم همساً مهما طال بهم الجلوس، كل واحد منهم هائم في عالمه الخاص قد احدودب على جوّاله لا يعلم إلا الله ماهيّة ذلك العالم الذي يهيم فيه!

• ألم تسمعوا عن تلك المرأة الأمريكية التي ضاقت ذرعاً بانشغال أبنائها عنها بهواتفهم، فما كان منها إلا أن انتزعتها من بين أيديهم وأطلقت عليها النار من بندقيّة معها؟

• ولربما أيضاً قرأتم عن إحدى الولايات الأمريكية التي فرضت غرامة مالية على كل من يتطلّع في شاشة جوّاله أثناء عبور الطريق في ممرات المشاة، بعد أن ازدادت حوادث الدهس واصطدام الرؤوس، ناهيك عن ارتطام الأجساد وعناقها غير المشروع!

• أخيراً وصل الأمر إلى حد أن تتدخّل منظمات الصحّة والسلامة التي قامت بدورها بإطلاق التحذيرات تلو التحذيرات عبر برامج تحوي مقاطع فلميّة، مفادها: أن ارفعوا رؤوسكم أيها الناس، فقد اشتكت أعناقكم من متلازمة التواء الفقرات.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»