عندما ينصف القضاء الأمهات والآباء

الاعتراف بفضل الوالدين سلوك طبيعي في كل المجتمعات البشرية، بل هو من صلب الفطرة الربانية التي فُطر الناس عليها. صحيح أن هذا الاعتراف والتقدير قد تغير كثيراً في العقود الأخيرة، خاصة في المجتمعات التي طغت عليها المادة وعوامل حب المال والاستغراق في العمل والرغبة في الظهور والنجاح. إنه بلا ريب تغير سلبي، وهو من جملة ما ظهر من الفساد في البر والبحر. إنه فساد الأخلاق الذي ينعكس على الإساءة لأعظم الناس إحساناً إلى الإنسان، وهو ما يسميه الشارع الكريم (عقوق الوالدين).

ومع ذلك، وحتى في المجتمعات البعيدة التي نحسبها قد أوغل أفرادها في درجات العقوق، حتى انتكست فطرتهم، فلم يعودوا يرون فيه إلاّ أمراً طبيعياً إن لم يكن مستحسناً أحياناً. وهذه أم تقاضي أبناءها في سنغافورة الدولة البوذية ديانة، الرأسمالية نظاماً واقتصاداً. رفعت الأم أمرها إلى القضاء هناك، وفي الشكوى قالت: (قدمت من أسرة غنية، فأنشأت عيادة لطب الأسنان، تدرب فيها زوجي، حتى انفصلنا، ولي ولدان منه، فتفرغت لرعايتهما حتى بلغ كل منهما سن العشرين. وعندما أراد كل منهما الالتحاق بالجامعة للتخصص في طب الأسنان، وقعت مع كل منهما عقداً مكتوباً لتمويل تكاليف دراستهما مقابل 850 ألف دولار أمريكي، تُدفع على أقساط لا تقل عن 60% من أرباحهما السنوية حتى اكتمال السداد).


وقد تخرج الابن الأكبر عام 2003م، وبدأ عمله وجرت أرباحه، لكنه امتنع بخلاً وشحاً على والدته، فرفعت شكواها منذ ذلك الحين، حتى وصل الملف إلى المحكمة العليا قبل شهور قليلة، ثم صدر حكم المحكمة في صف الأم، ملزمة الابن الأكبر (ثم الأصغر) بدفع المبلغ المتعاقد عليه مع فوائده السنوية طوال فترة المماطلة ليقارب مليون دولار أمريكي.

مشكلتنا اليوم في مجتمعاتنا العربية أن الأبناء والبنات (عدا ما رحم ربي وهم قلة مستثناة) يعدّون كل تضحيات الوالدين واجباً مفروغاً منه لا فضل فيه للوالدين ولا منّة. ولذلك ترى صوراً من العقوق مبكية مؤلمة، ليس أولها قلة الاهتمام، ولا آخرها الإلقاء في دور العجزة والمسنين.


اللهم ارحم آباءنا وأمهاتنا واجعلهم في عليين.

S a l e m_ s a h a b @ h o t m a i l . c o m

للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة - إلى 88591 (Stc)، 635031 (Mobily)، 737221 (Zain)

أخبار ذات صلة

اللا مركزية.. بين القصيبي والجزائري
الصناعة.. وفرص الاستثمار
ما الذي يفعله ذلك الزائر السري؟
نظرية الفاشلين!!
;
رؤية المملكة.. ترفع اقتصادها إلى التريليونات
أوقفوا توصيل الطلبات!!
نواصي #حسن_الظن
قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
;
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
;
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني