حكايات نجاح.. بشائر عيد أنموذجا

أُصبتُ بشلل الأطفال إثر خطأ طبي، وكنتُ وقتها في الثانية من عمري.. حاول والداي إنقاذي بأي وسيلة، عبر نقلي لعدة مستشفيات، واستشارة أفضل الأطباء. والحمد لله من قبل ومن بعد، فقد فقدتُ القدرة على الوقوف أو المشي.. سافر بي والدي إلى جمهورية التشيك للعلاج وإعادة التأهيل.. تعلمتُ وتقبَّلتُ إعاقتي وتعايشت معها ولله الحمد.

رحلتي في التعليم كانت نوعاً آخر من الجهاد، إن صح التعبير، حيث وجدتُ من يأخذ بيدي إلى القمة، فتعلقت به. وقاومت من أراد سحبي إلى قاع الإحباط واليأس. جَاهَدَتْ أسرتي معي، ولها الفضل العظيم والدور الجوهري في استمراري بالتعليم. ولولا الله ثم دعمهم وتشجيعهم ما تعلمت.


أمي وأبي هم نجاحي وسعادتي.. نصائحهم وتعاملهم معي جعلني أنسى الكرسي الذي أجلس عليه.. إني والله أنسى إعاقتي حتى أخرج من المنزل فأجد ما يُعيقني من منشآت غير مهيأة.. أبي علمني أن (العقل السليم يصنع الإنسان السليم)، وليس بالضرورة أن يكون جسده سليم.. هذا هو أبي الذي زرع في قلبي الشجاعة والإصرار على النجاح.. علمني كيف أواجه مخاوفي، وأتغلب على الإحباط وأهله. وبفضل الله، ثم تأثيره على شخصيتي وتصرفاتي، وبدلاً من أن أنكسر من نظرات الشفقة، أصبحتُ أنا التي أشفق على مَن ينظر لي بعين التفحص والاستغراب.

أمي وأبي علَّماني أن العلم وحسن الخُلق هما ما يتزين بهما الإنسان، وليس كمال الجسد.. ولذا حرصاً على زيادة ثقافتي في أغلب مجالات الحياة. فقد قرأت في مكتبة أسرتي مختلف الكتب والموسوعات، وتحدثت اللغة الإنجليزية مبكراً، وشدتني التقنية وعلوم الحاسب الآلي. وأصبح الفن التشكيلي شغفي، فشاركتُ بمعارض محلية في مناسبات مختلفة. تخصصتُ في علوم الحاسب الآلي، وعملتُ في العلاقات العامة النسائية في إدارة التربية والتعليم، ثم نُقلتُ للعمل في روضة أطفال.


منّ الله عليَّ، إذ رزقني بوالد ابنتي وابني فهو نِعم الزوج، صاحب القلب الطاهر الكبير، الذي صبر عليَّ واحتواني رغم اختلافي عن باقي النساء.

وبفضل الله أولاً وأخيرا، أصبحتُ ما أنا عليه الآن، متعلمة عاملة، أستطيع العطاء لخدمة أسرتي ومجتمعي ووطني الغالي.

تلك هي «بشائر عيد»، امرأة أجمل من الإعاقة، وأكثر بكثير من الحرب على الإحباط.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»