عبدالله القنبر: ندرتان في شخص..!!

من المعروف في أروقة الصحافة أن إيجاد الصحفي الثقافي المتخصص أمر صعب، وقد شهدت هذا خلال عملي في الصحافة الثقافية المحلية لسنين. أدرك أن الصحافة السعودية لا تقوم في الأساس على التخصص بقدر ما تعتمد على المبادرات والجهود الشخصية للصحفيين، كما أعلم أنه تكثر في الصحافة السعودية ظاهرة الصحفي المتعاون، الذي تمثل الصحافة عمله الثاني، حيث يعمل بدوام جزئي، فقد كنت أنا ضمن هذا النوع من الصحفيين. ورغم ذلك فقد كانت الأقسام الاجتماعية والرياضية الأوفرَ حظاً في استقطاب الصحفيين، على العكس من القسم الثقافي. ما جعل الصحفي الثقافي عملة نادرة في الوسط الصحفي (أذكر أنا وضعنا ساخرين الصحفيَّ الثقافيَ مكانَ الخلِّ الوفي في المثل الشهير!!).

وبعد أن تركتُ الصحافة بعدة سنوات.. حدث لي ما يمكن أن يكون أشبه برواية خيالية؛ كنت في مطار هيثرو في مساء لندني بارد وضبابي كالعادة، أنتظر صديقاً يصل من المملكة. ذهبتُ إلى مقهى في صالة الانتظار، لأجد نسخة من صحيفة «الوطن» السعودية. أدهشتني المصادفة؛ فما هي نسبة أن تجد نسخة من صحيفة سعودية في مقهى بريطاني. أخذت أتصفح الصحيفة التي يبدو أن أحد المسافرين القادمين من المملكة تركها على طاولة في المقهى، وفجأة وقعتْ عيناي على خبر من أسطر قليلة في ركن ناءٍ من إحدى الصفحات: كان خبرَ نعيٍ للصحفي «عبد الله القنبر»، الذي وافته المنية قبل ذلك بأيام.


وقع الخبر عليَّ كالصاعقة، فقد كان القنبر أحد أهم الزملاء الذين عملت معهم، وقد سبقني للصحافة والثقافة بسنين طويلة. كان رحمه الله ضيفاً دائماً على صوالين المنطقة الشرقية وأنشطتها ومجالسها الشهيرة، وقد كان ينقل ما يدور فيها بشغف محب، ومهنية محترف. وكم كنت أعجب من نشاطه الذي لا يضاهيه نشاط شباب أصغر منه بكثير

. كان القنبر حريصاً على توفير مادة دسمة لقرائه، لذلك كانت تقاريره مليئة بتفاصيل دقيقة، عما يجري في هذه الفعاليات، ما تركني في حيرة من أمري (خلال فترة إشرافي على صفحات الثقافة)، مضطراً لاختصار تقاريره الصحفية قدر الإمكان، وهو ما لم يكن يعجبه. لكنه كان معجباً بأسلوبي في صياغة العناوين؛ هذا الإعجاب لم يكن في صالحه دائماً، فقد ورطه أحد هذه العناوين مع صاحب صالون ثقافي شهير، فهم العنوان خطأً ونتج عنه خلاف بينه وبين القنبر.


لقد كان عبدالله القنبر رحمه الله مثالاً للصحفي الثقافي المتميز ثقافةً وخلقاً، كما كان مثالاً للصديق الوفي.. وهما كائنان نادران في زمننا العجيب هذا!.

أخبار ذات صلة

اللا مركزية.. بين القصيبي والجزائري
الصناعة.. وفرص الاستثمار
ما الذي يفعله ذلك الزائر السري؟
نظرية الفاشلين!!
;
رؤية المملكة.. ترفع اقتصادها إلى التريليونات
أوقفوا توصيل الطلبات!!
نواصي #حسن_الظن
قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
;
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
;
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني