سوق عكاظ: المشروع الحضاري الكبير

في كلمته الضافية التي ألقاها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، رئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ، في حفل الغداء الذي أقيم على شرف ضيوف سوق عكاظ يوم الأربعاء الماضي، أكَّد سموه على أن سوق عكاظ يتجاوز كونه مهرجاناً تراثياً أو ثقافياً، فهو مشروع حضاري كبير بكل ما تعنيه الكلمة، وهذا المفهوم الواسع الذي أطلقه سموه في حضور وفود فكرية وثقافية وعلمية رفيعة من داخل المملكة وخارجها، شكَّل في تقديري بُعداً واسعاً وجديداً لهذا المُنجز الاستثنائي المتفرِّد في عالمنا العربي، إن لم يكن في العالم كله، إذ إنه يجمع بين الاهتمام بالتراث والحاضر والمستقبل، وإنه وإن قام في الأساس على فكرة إحياء أشهر أسواق العرب في مكانه وزمانه القديمين، إلا أن فكرة تأسيسه تضمَّنت الإفادة من معطيات العصر والتخطيط للمستقبل، وتمثل ذلك في مبادرة لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، مؤسس سوق عكاظ، (ضمن مبادراته المبدعة الكثيرة)، بترسيخ مسار (عكاظ المستقبل)، للإفادة من الثورة التقنية الباهرة في التخطيط لمستقبلٍ واعدٍ، بالاعتماد على الله تعالى أولاً، ومن ثم على سواعد الشباب السعودي المؤهل المتسلِّح بالعلم، ومن هذا الباب، احتضنت عكاظ إبداعات الشباب وشجَّعت ابتكاراتهم ونتاجهم الفكري والفني من رسمٍ وشعر واختراع، إضافةً إلى سواهم من فئات المجتمع كافة. تحقَّق ذلك في السنوات العشر الأولى من حياة السوق التي بدأت عام 2007م، وخلال هذا العقد تحوَّلت الصحراء القاحلة التي كانت موضع السوق القديم إلى مؤسسة حضارية متكاملة الأركان، من حيث الأبنية والمرافق والطرق والمساحات الخضراء ومواقف السيارات، إضافةً إلى الجادة الممتدة إلى ما يزيد عن كيلو متر «جيئةً وذهاباً»، التي يتوسَّطها مضمار الخيل والإبل الذي تقام عليه عروض الفروسية والمشاهد التراثية والفولكلورية والشعبية، ناهيك عن المسارح الواسعة بمدرجاتها وخشباتها التي تُحيط بالسوق من كل حدبٍ وصوب، والمسرح الكبير الذي تُقام فيه الحفلات الكبيرة وفي مقدمتها حفل الافتتاح، وكل ذلك وغيره تحقق في السنوات العشر الأولى بتوفيق الله لعباده المخلصين، بقيادة سمو الأمير خالد الفيصل ورعاية ولاة الأمر في هذه البلاد المسلمة.

وقد أقر سمو الأمير سلطان بن سلمان لسمو الأمير خالد الفيصل بهذا الفضل، فصرَّح بذلك مرات ومرات، بعد أن تولت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الإشراف على سوق عكاظ بدءاً من دورته الحادية عشرة لعام 1438هـ والتي زار فيها السوق أكثر من 825 ألف زائر من داخل المملكة وخارجها، وفي دراسة أجراها مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس) بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني قامت على أسس إحصائية، وطُبِّقت على عينة من زوار سوق عكاظ في دورته الحادية عشرة عام 1438هـ، أكد غالبية الزوار بنسبة تفوق 96% رضاهم عن تجربة زيارتهم للسوق في تلك الدورة، كما أكدوا على أن السوق يُعوِّل على إبراز البُعد الحضاري للمملكة، ويزيد من الاهتمام بالتراث الوطني، ويُسهم في تعزيز الفخر بمكتسبات وحضارة الوطن. وهذه الدراسة العلمية الرصينة تُؤكِّد على استمرار نجاحات هذا السوق وزيادتها والارتقاء بها بعد تسليم الراية إلى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. وقد شهدت الدورة الثانية عشرة التي انطلقت الأسبوع الماضي فعاليات جديدة مبتكرة إضافةً إلى الفعاليات القديمة الراسخة، ومنها فعاليات دائمة بين الخيمة والجادة، ومنصات لدعم الكتاب، وأمسيات شعرية وعروض مسرحية، ومسابقة لصناعة الأفلام، وورش للخط العربي، وفعاليات الرسم والتصوير، ومسابقة (بليغ عكاظ)، واختلاف هذه الفعاليات وتنوُّعها مظهر من مظاهر نجاح هذا المشروع الحضاري الكبير في ظل الإشراف الجديد.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»