الإسلام وسطي حتى بين الأديان

الإسلام دين قد سبقه دينان، الأول: اليهودية التي نزلت على سيدنا موسى عليه السلام، والثاني: المسيحية التي بُعِثَ بها عيسى بن مريم عليه السلام، والإسلام بينهما وسط، حتى في أحكامه. والمتتبع للأديان يعلم ذلك بوضوح، وكما يقول شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب -وفقه الله-: (الدين فطرة؛ فطر الله الناس عليها، وليس ظاهرة مرتبطة بأسباب طبيعية أو نفسية أو اجتماعية، فما أنزلت الأديان إلا لتهدي الناس إلى الخير، وتعرفه به وبالشرع، وتحثه على فعله، وتُحذِّره من عواقب تركه)، فهي تعني الوسط العدل بين الأطراف، ليس بعضها أقرب من بعض، كما عرفها الإمام الزمخشري رحمه الله، كما يقال قريش أوسط العرب نسباً وداراً، أي خيرها، ويقال: الوسط المجانب للغلو والتقصير، فهذه الأمة المسلمة لم تغلُ غلو النصارى في عيسى، ولا قصَّروا تقصير اليهود في أنبيائهم، قال ربنا عز وجل: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَتِي كُنتَ عَلَيْهَا إلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إيمَانَكُمْ إنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ)، والآية الكريمة شرح وافٍ لوسطية الإسلام التي تعود إلى كل خير ويتجنب المؤمن بها كل شر، ولابد لنا من أن نفهم الوسطية، أنها وسط بين غلو في الدين ينفر الناس منه، وتساهل يؤدي إلى ترك أكثر الدين، والغلاة أساءوا إلى الإسلام إساءات بالغة، ويكفي أن ننظر لما تفعله الجماعات المتطرفة التي تزعم أنها إسلامية، وما أدت إليه من تشويه لهذا الدين الحنيف، وعلى الطرف الآخر هناك من أضرب عن الإسلام كله أو كاد، ولولا الخوف من أن يُطبَّق عليه حكم الإسلام في مجتمع مسلم، لدعا إلى ترك الإسلام كله، مما جعلنا في هذا العصر أن نكون غلاة في طرف، قد نهانا الله عنه، حيث يقول: (قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لا تَغْلُوا فِى دِينِكُمْ غَيْرَ الحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ)، كما أن التقصير في أمور الدين والنقص منها بسبب عدم المحافظة على حدود الله، فالإسلام وسط بين الروحانية والمادية، فالروح ترفع الإنسان إلى معارج العُلا، ولا تنحدر به إلى سفاسف الأمور، وعلينا أن نضبط التوازن بين الروح والجسد لنكون وسطيين أيضاً، وأن نترك الانغماس في اللذة، وننسى ما دعانا الله إليه من الارتقاء بأرواحنا إلى الأسمى من الأفعال والأخلاق والفضائل، ذلك هو الإسلام الوسطي بين الأديان والنظم والمناهج، فحافظوا عليه.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»