لماذا يموت ثمناً لأربعة دولارات؟!

* في أحد القطارات المتجهة من «مدينة طَنْطَا إلى القاهرة» وقعت قبل أيام حادثة مأساوية، وفي التفاصيل اكتشف رئيس القطار أو الكُمْسَرِي «إن هناك شَابَيْن ليس معهما تذاكر، لِيَحْتَدم النقاش بين الطرفين؛ لِيَفْرِد -بحسب شهود عيان- «الكُمْسَرِي» عضلاته وسلطاته، مُخَيّراً الشَابين بين الدَّفع، أو تسليمهما للشرطة أو أن يَقْفِزا خارج القِطار وهو يواصل سَيْرَه، وتحت سطوة الفقر والخوف اختارا القَفْز بعدَ أن فُتِحَ لهما الباب؛ ولتأتي النهاية بموت أحدهما، وإصابة الآخَر بجروحٍ خطيرة؛ مما أَثَار المجتمع المصري حيث سَرت في شرايينه ومواقع تواصله موجات من الحزن والألم أن يَفْقِد شاب بسيط -يعمل بائعاً جائلاً لِيَعُول أسرته الفقيرة- حَيَاتَه من أجل تذكرة قيمتها «70 جنيهًا أو ما يعادل 18 ريالاً تقريبًا»!

* المختصون في «أرض الكنانة» ناقشوا الحادثة وتبعاتها، وقبل ذلك أسبابها، باعتبارها وما سبقها من حوادثٍ وسلوكيات شبيهة تُمَثِّل أزمَة في إنسانية المجتمع المصري الطّيب والعاطفي في طَبْعِه؛ فالخَوف سَكَنَ مفاصل القطار في تلك اللحظات، فـ»الكُمْسَري» خائف من رؤسائه الذين هدَّدوه بالطرد من عمله في حَالِ تَهَاوَن في مثل تلك الحالات، ولذا كان قاسيًا في تعامله مع الشَّابين، اللذين لا يملكان قيمة التذاكر، وفي الوقت نفسه هما خائفان من قبضة الشرطة، فلم يبقَ لهما إلا الهروب والمخاطرة؛ أما بقية الركاب فإضافةً لعدم مبالاتهم، ربما سيطر عليهم الخوف من أبعاد المشاركة في الحكاية؛ فلم يتدخَّلوا لإنقاذ الضَّحِيْتَين، سواء بسداد المبلغ المطلوب أو بمنع مسؤول القطار من مواصلة تهديده، وإلزامه بتطبيق القانون الذي ينادي بضبطهما والتحفظ عليهما حتى تسليمهما إلى أقرب مركز الشرطة!


* وهنا تلك الممارسات التي يتخلَّى فيها بعض الموظفين عن أهم مسؤولياتهم، وهي المحافظة على سلامة مَن يتعاملون معهم، لا تقتصر على (مصر)، بل تتجاوزها إلى دولٍ عربيةٍ أخرى، أما السبب فعدم إخضاعهم لدوراتٍ متخصصة، وقبل ذلك وهو الأهم، الخلل الذي أصاب تطبيق «منظومة القِيَم»، وهي الحاكمة في العلاقات الإنسانية؛ فقد طغى الانفلات والماديات على الأخلاقيات؛ وهذا ما على المؤسسات التربوية المعنية الالتفات له؛ ومعالجته بتشريعاتٍ وبرامج تطبيقية فاعلة، تخاطب كافة أطياف المجتمع؛ فحياة الإنسان أغلى مِن أن تُزهق ثَمَنَاً للخوف، ومن أجل (أربَعة دولارات) فقط!!.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»