لبنان.. بعد أن فرط بفرصة الإنقاذ ذاهب إلى المجهول!

متاعب لبنان، وتدهور أمنه واقتصاده، وعدم الوصول إلى حل لإنقاذه وانتشاله من القاع الذي سقط فيه، لخص أسبابه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في خطابه الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة حينما قال (يأتي ذلك نتيجة هيمنة حزب الله الإرهابي على اتخاذ القرار في لبنان بقوة السلاح مما أدى إلى تعطيل مؤسسات الدولة الدستورية، ولن يتحقق الأمن والاستقرار في لبنان إلا عن طريق تجريد هذا الحزب الإرهابي من السلاح).

وهاهو (مصطفى أديب) يترجل عن رئاسة الحكومة التي لم تولد بعد، حيث أجهضها (حزب الله وحركة أمل) بعد أن تدخلا في التشكيل ووضعوا شروطًا، وطرحوا أسماءً، واختاروا حقائب سيادية معينة من بينها وزارة المالية، وكان (أديب) مصرًا على تأليف حكومة من اختصاصيين بعيدًا عن الأحزاب السياسية، انطلاقًا من مبادرة الرئيس الفرنسي (ماكرون) الذي طلب تشكيل حكومة تكنوقراط بعيدًا عن الأحزاب السياسية، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: لماذا يصر الثنائي الشيعي على الاحتفاظ بوزارة المالية؟!، والجواب، هو أن هناك من يرى بأن السبب هو لكي يحصل (حزب الله) على عشرات العقود لتمويل مؤسساته الاقتصادية، ولضمان عدم فتح أي حكومة مقبلة ملفات فساد حزب الله، علمًا بأن المادة (95) من الدستور اللبناني الذي عدله (اتفاق الطائف) وفي الفقرة (ب) يشير إلى أن تكون وظائف الفئة الأولى -ومن بينها الوزارات- مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص أي منها لأي طائفة مع التقيد بمبدأ الاختصاص والكفاءة.


تناقض في المواقف، وفي التصريحات بين كل الكتل، بل وأحيانًا يصل أن تناقض الكتلة الواحدة نفسها، فالتيار الحر الذي ينتمي إليه الرئيس (عون) يرى بأن تتشكل الحكومة بالتفاهم مع الكتل النيابية، وألا يكون الوزراء سياسيين ملتزمين، بل اختصاصيين قادرين، منتقدًا من ينادون بأن يلجأ فريق إلى الإصرار على أن هذه الوزارة هي حق له، وأن من حق رئيس الحكومة أن يفرض على الحكومة تسمية الوزراء.. بينما (تيار المردة وحركة أمل) أعلنوا عن تمسكهم بالمبادرة الفرنسية، ودعوا إلى الإسراع بالاتفاق على اختيار شخصية تقوم بتشكيل (حكومة مهمة) تنفذ البرنامج الإصلاحي المتفق عليه، وتكون مؤلفة من وزراء يختصون بالقدرة على تنفيذ البرنامج من دون تقييد الحكومة لشروط مسبقة تعرقل التشكيل.. لكنهم لم يلتزموا بذلك حيث قاموا بعرقلة التشكيل الذي اختاره رئيس الحكومة.. ونحن مع الذين يرون بأن الاعتذار الذي لجأ إليه رئيس الحكومة يعد بمثابة إطلاق الرصاصة الأخيرة على الاقتصاد المنهك، وتفاقم نسبة الفقر، لاسيما بعد أن دخلت البلاد إلى ما كنا نخشاه من تدهور اقتصادي وتضخم مفرط، ارتفعت فيه أسعار السلع وتدهورت الليرة، ووصلت النسبة إلى 400% ، ووأد المبادرة الفرنسية التي كانت قد وعدت بمعونات خارجية مع تسريع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

الرئيس الفرنسي لم يأخذ في الاعتبار واقعًا متحجرًا متأصلاً لدى أولئك يقوم على المحاصصة وانقسام المغانم الوزارية، وإن الثنائي الشيعي يغرقان كل أنواع الفرص، ويهدران الوقت لمصالح لا تمت بصلة لمصلحة الشعب اللبناني، وإن حزب الله قد فرض مناخًا من التخويف على الآخرين، وإن لبنان أصبح محتلا من قبله، يهيمن على القرار السيادي، وعلى كامل الدولة ومؤسساتها بصفته جزءًا من (فيلق القدس) التابع للحرس الثوري الإيراني.


لاشك بأن الصدمة كانت قوية على الرئيس الفرنسي لفشل محاولته التي أوهمه الفرقاء حينها بأنهم سيطبقون مبادرته، ويعضون عليها بالنواجذ، لكنهم خذلوه بعد أن تلقوا أوامر من طهران بإفشال تأليف الحكومة، وما أسهل من تقويض السهل في لبنان العصي على التوافق.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»