وَبالٌ على المحكوم

ربَّما يجهل جيل اليوم من أبنائنا الكثير عن عصر الجاهليَّة عند العرب قبل الإسلام وما فيه من أحداث الغزوات والحروب خاصَّة التي أثرت خيال عشَّاق التراث والتاريخ والإثارة أدبًا وشعرًا وقصصًا.. وما تزال أحداث عصرنا و(مبارياته الفروسيَّة) كما كانت في ذلك الزمن تحتلُّ مكانة شيَّقة فيه.. ومنها على سبيل المثال وليس حصرًا صراع (الحمار الديمقراطي والفيل الجمهوري) الأمريكيَّين على كرسي الرئاسة والسيادة كحرب (حصان عبسٍ وفرسها)؛ من أجود خيول العرب.. فالحصان داحس، كان للزعيم قيس بن زهير الغطفاني، والفرس الغبراء للزعيم حذيفة بن بدر الذبياني، وكلاهما فخذان من قبيلة عبسٍ.

الفرق بين (الحربين) الحالي الانتخابي الأمريكي، والجاهلي العربي... الأوَّل الأمريكي قد يستمرُّ لأسابيع ينتهي بزعيم أيٍّ من الحمار أو الفيل ليسود العالم لأربع سنوات قادمات.. والثاني الجاهلي امتدَّ لأربعين سنة ليحظى أيٌ من الزعيمين برضى ملك غريب؛ النعمان بن المنذر بن ماء السماء.. وانتهت بهزيمة عبسٍ وفخذيها.. حَربٌ لكأنّ مسلسلها ما يزال قائمًا على ساحاته العربيَّة حتَّى يومنا!


وإذا ما ابتعدنا قليلًا عن السرد التاريخي واستلهام العبر منه، نرى أنَّ التاريخ يعيد نفسه، ولو أنَّه الحالي بعيد عن ديار العرب، وفي الولايات المتَّحدة الأمريكية تحديدًا، نتيجة تداعيات الانتخابات الرئاسيَّة التي ما تزال ذويها تثير غبارًا مع فوز مرشح الحزب الديمقراطي المتمِّرس بأمور السياسة والإدارة، وخاض معارك عديدة للفوز بمنصب الرئيس من خصمه الجمهوري؛ الرئيس الذي أهَّلته ثروته الماليَّة وأعماله التجاريَّة ومكره وخداعه للفوز بالرئاسة عن الحزب الجمهوري خلفًا للرئيس الديمقراطي الأخير.. وإذا ما استمرَّ الصلف الأمريكيُّ متجاوزًا لعبة الديمقراطيَّة التَّي تفرضها أمريكا على العالم وتستثني نفسها إلَّا ما يناسب مصالحها، عندها تتأكَّد مقولة تتلخَّص بأنَّ من الأسهل عليها اختيار رؤساء لتابعيها من الدول من اختيار رئيس لها.

وكما أنَّ التاريخ دروس وعبر، فالمكر والخديعة من حاكم لا يأبه لصلاح الأمَّة، كما انتهى حال زعيمي عبس في حربيهما الهزيمة والخذلان، لا يختلف عمَّا نرى ونسمع مسلسل الانتخابات الأمريكيَّة.. وما لم تنته بالتراضي، فهل آن أوان تفكُّك تماسك الأمريكيِّين في دولة اتحاديَّةً، لتنقسم إلى دويلات، وتنتهي كما يتساءل الهمس إلى ما آل إليه الاتِّحاد السوفيتي من تفكُّك وعداء وقتال في بلد القوَّة الأعظم في العالم اليوم! وما يحدث في عدد من دول عربيَّة على المثال.. ولأنَّنا في تاريخنا نقرُّ ونعترف بأن صلاح الأمَّة من صلاح ولاتها، وقد منَّ الله علينا بما يجنِّبنا ويلات عواقب، تتمثًّل في حكمة مأثورة: لو دامت لغيرك ما وصلت إليك.. وسبحان مغيِّر الحال والأحوال، القائل في محكم التنزيل: ﴿قُلِّ اللَّهُمَّ مَالِكُ الْـْمُلْكَ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزَعُ الْمُلَكَ مِمَّنِ تَشَاء﴾.. ويبقى صراع الحكَّام على البقاء في الحكم حكمًا لا يجني سوى الوبال والدمار والخراب على شعوبهم.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»