حق الخلافة في الأرض

أمر الله سبحانه وتعالى عباده بالتدبر والتفكر في ملكوته ومخلوقاته وحث على ذلك في الكثير من آيات كتابه الكريم، قال تعالى (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَاب). وبالتأكيد أن الأمر بالتدبر سيكشف لهم الكثير من الأسرار الكونية والطبيعية ويكشف لهم سبل الحياة الكريمة الناجعة وأساليب التعامل مع الغير في كافة المناحي الحياتية، فخلق الله تعالى لعباده في الأرض لم يكن عبثا بل خلقهم لتحقيق غرضين أو مطلبين أحدهما: عبادته وتوحيده قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ.. مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) وثانيهما: لخلافته في الأرض قال تعالى(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً، قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ، قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ). ولاشك بأن المقصود بتلك الخلافة هو إعمار الأرض بعمارتها وزراعتها وتطويعها والأكل من طيباتها من ثمراتها ولحومها في البر والبحر وليبتكروا ويبدعوا ليكتشفوا أسرار ذلك الكون وتطويعه لخدمتهم ووضع الأنظمة والقوانين التي تحكم مسيرتهم الحياتية وفق مبدأي العدل والمساواة، قال تعالى (قل انظروا ماذا في السماوات والأرض)، فالإنسان الذي مُنح العقل أُمر باستخدامه لكشف أسرار الكون لأن تلك الميزة التي منحه الله إياها عن سائر الكائنات ليبحث في كل ما حوله لفهم الظواهر الطبيعية المحيطة به وحتى ما وراء تلك الطبيعة. والسؤال الذي يطرح نفسه بعد كل تلك العطاءات من الله سبحانه لعباده هو:

هل تحقق هذان المطلبان من قبل العباد؟ والإجابة على ذلك تقول إن البعض فقط من عباد الله هم من حقق ذلك المطلب فالبعض أهدر وقته وجهده وحتى عقله فلم يحقق مطلب العبادة كما أمر الله بل تمرد وتجبّر وطغى وبغى، لكن البعض الآخر حقق بعض ذلك المطلب العظيم وفي جانب المطلب الآخر وهو الخلافة في الأرض فإن البعض فقط هم من أبدع وتدبر واخترع وابتكر وكشف الكثير من أسرار الكون والطبيعة أما البعض الآخر -ومنهم الكثير من المجتمعات العربية- فقد تغافلوا وتجاهلوا ذلك المطلب وهم من انطبق عليهم قول الله تعالى (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ، إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ، بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا).


ولاشك بأن السبب في عدم تحقيق ذلك المطلب كما أراد الله سبحانه يعود لفشل الكثير من المؤسسات المدنية ذات العلاقة ببناء الإنسان فكراً ومنهجاً وممارسةً، وغياب الفكر القيادي، وضعف مخرجات مؤسسات التربية والتعليم والإعلام ومنابر الدعوة والتوجيه الاجتماعي في معظم تلك البلدان.. والله من وراء القصد

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»