كتاب

عندما يفقد المعلم نفسه!!

اسمحوا لي أن أرجع بكم إلى الوراء.. وتحديداً إلى عام 1932م، حين أنشد شوقي رائعته الذائعة: (قف للمعلم وفه التبجيلا)، في حفل قام به نادي مدرسة المعلمين العليا لتكريم وتعظيم المعلم بالقاهرة.. استوقفني في هذه القصيدة بيتٌ غير ذائعٍ ولا شهير، هو قوله:

يا أرض مُذْ فَقَدَ المعلمُ نفسه


بين الشُّموسِ وبين شرقِكِ حِيْلا

تعجبتُ من هذه الإشارة البلاغية البديعة، وتساءلتُ: كيف يفقدُ المعلمُ نفسه؟! ثم.. لماذا إذًا فقد المعلمُ نفسه حيل بين البلادِ وبين شمس الحضارة والتقدم؟


هذه (الفكرة المركزيّة) أظنّ أن مجال القول فيها لم ينضب بعد، وأنها منطقةٌ بكرٌ صالحةٌ لكثير من التحليل والنظر والتفكير.

فلننظر معاً.. كيف يفقد المعلم نفسه؟

إنّ المعلمَ الحقَّ مزيجٌ من خمسةِ عناصر: دين يعصمه، وعقلٌ يكرمه، وعلمٌ يلهمه، وأخلاقٌ تقوِّمه، ومهارةٌ تقدمه.. ويفقد المعلم من نفسه بمقدار ما يفقد من هذه العناصر.. فإذا فقدها كلها فقد نفسه.

وإذا تأمَّلنا ما سبق أدركنا أن (التطرُّف) من أعظم الأسباب التي تُفقد المعلمَ نفسه.. سواءً كان تطرفاً لليمين بالغلو في الدين، أو كان تطرفاً إلى اليسار بالانحلالِ والتفلتِ من الدين.. ذلك أن التطرف عدوانٌ على هذه العناصر كلها.. فالتطرفُ عدوانٌ على الدين لأنّه مخالفةٌ لأوامره ونواهيه.. وعدوان على العقل لأنّه جنوحٌ عن الصواب.. وعدوانٌ على العلم لأنّه قفزٌ فوق النصوصِ الشرعية وكلام الأئمة.. وعدوانٌ على الأخلاقِ لأنّه يُفضي إلى امتهانِ حقوق الآخرين.. وعدوان على المهارةِ لأنّه يجعل صاحبه يطوّع براعته في اجتراح ذلك العدوان.. بل في تبريره أيضاً!

إن المعلم هو الركن الأساسي في العملية التعليمية، إنه هو المسؤول الأول عن حمل رسالة العلم على عاتقه، حتى يغذي بها عقول النشء، لينهضوا بمجتمعهم ويكونوا قدوة حسنة لغيرهم.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»