كتاب

مرمشـــــــــــة

المقصود بالعنوان هو «الالتهام الكامل».. ويُطبَّق عادةً على المأكولات، ولكن في بعض الأحيان نجده في بعض من التطبيقات الأخرى غير المتوقعة، وإحدى الحالات الغريبة نجدها في العمليات العسكرية، حيث يطبق المفهوم على احتلال بلدان بأكملها وكأنها وجبة، وإحدى الأمثلة على ذلك هي الاحتلال الألماني لبلجيكا عام 1914، هذه «المرمشة» كانت قبل أيام هتلر والنازية، وساهمت مساهمة كبيرة في إشعال فتيل نيران الحرب العالمية الأولى، بل وجاءت مفاجأة للجميع، لأن بلجيكا أعلنت حيادها، فلم ترغب في الانحياز لألمانيا من جانب، أو لفرنسا من جانب آخر، ولكن حركة «الهياط» العسكري الألمانية كانت بسبب الجغرافيا.. فموقع الدولة يقع بين الدولتين، ولاستيعاب حركة الجيش الألماني الضخم لاقتحام فرنسا؛ فما المانع من «مرمشة» بلجيكا في الطريق؟!، ودارت بعض من أشد المعارك عبر الأراضي البلجيكية.. وتسببت تلك الصراعات المهولة إلى خسارة أكثر من مليون ونصف مليون جندي من الأطراف المتحاربة، ومن الغرائب أن نفس القصة تكررت في مطلع الحرب العالمية الثانية في مايو 1940، عندما احتلت القوات الألمانية بلجيكا، وكان الهدف هو الوصول للقوات الفرنسية والبريطانية، يعني الاحتلال جاء «على الماشي» للوصول إلى مآرب أخرى.

وننتقل إلى قصة مرمشة أخرى غريبة في صيف عام 1976، عندما تم اختطاف طائرة ركاب فرنسية كانت في طريقها من تل أبيب إلى باريس عبر أثينا، وعلى متنها 248 من الركاب، تم تحويل الرحلة إلى مطار «عنتبي» في أوغندا، وطلب الخاطفون الإفراج عن مجموعة من المحتجزين في السجون الإسرائيلية، وبدأت قيادات الكيان الصهيوني بوضع مجموعة بدائل لحل المشكلة، ومنها المسار الدبلوماسي والبديل العسكري، ومن الغرائب أن أحد البدائل الجادة كانت احتلال مقر الحكم وقلب النظام في الدولة الإفريقية بأكملها.. يعني «مرمشة» نظام البلد. ولمن لا يذكر باقي القصة، فقد تم تنفيذ عملية «صاعقة برق»، حيث أُرسِلَت طائرات نقل عسكرية محمَّلة بجنود القوات الخاصة في 4 يوليو 1976 وتم قتل الخاطفين، والإفراج عن الرهائن، وعودتهم إلى مطار تل أبيب، وقُتِلَ خلال تلك العملية قائد العملية «يوني نيتن ياهوه» شقيق رئيس الوزراء السابق.


والسؤال هنا هو: هل يا تُرى ما يشهده العالم اليوم في غزو أوكرانيا، هو تنفيذ الأجندة الروسية للتصدي لمخاطر حلف الأطلسي «الناتو» على حدود روسيا الغربية، أم أنها محاولة لمرمشة أوكرانيا، وربما بعض الدول الأخرى في المستقبل القريب.

* أمنيــــــتان:


من المستحيل أن نجد مبررات لقتل المدنيين الأبرياء، وغزو الأراضي، والتهديد باستخدام أسلحة نووية في زمن تزدهر فيه الوسائل الدبلوماسية الحضارية، سواء كانت مؤسساتية أو حتى انفرادية، أتمنى أن يتذكر العالم بأن الحرب هي عبارة عن استكمال للدبلوماسية، وأن لا داع لها إلا عند فشل الحوار بالكامل، وأتمنى أيضاً أن تتوقف هذه الحرب فورًا، وأن يجد العالم آليات تليق بمكانة الإنسانية وأصولها الجميلة التي أنعم الله علينا بها، وهو من وراء القصد.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»