كتاب

فخ الشهرة!

من الواضح أنَّ الإنسان مجبولٌ على حبّ الشهرة، والإشارة إليه بالبنان، لكنها من دون ثقافة قيّمة ومعرفة جيّدة وأخلاق رفيعة، تكون شهرته كالطّبل الأجوف! إذ من الممكن أن تصبح مشهوراً بلا ثقافة، أو مثيراً للجدل والسّخرية، أو لديك آلافٌ من المُتابعين، لكن أن تكون مؤثراً إيجابياً ذا قيمةٍ إنسانية مُعتبرة، فهو أمرٌ مختلفٌ تماماً!. ومن أجل الشُّهرة والصّيت، يلجأُ بعضهم إلى تقمّص شخصيّات ليست لهم، وارتداء ثيابٍ اجتماعيّة ليست على مقاسهم، فيظهرون بمظهر المُهرّج في أفلام الكرتون!.

والشُّهرة في حقيقتها من المعايير المضطربة والمعاني المُختلّة، وقد تكلّف تضحياتٍ باهظة، ومن المُرجّح أن تجلبَ لصاحبها المتاعبَ أكثر من الفوائد، وهي لا تعني التأثير الجيّد بالضرورة، بل قد تكون إشارة إلى التفاهة والابتذال، ولهذا من غير الحكمة أن تحرص على الشّهرة في مجتمعٍ معايير الشهرةِ والبطولة فيه مشوّهة. يقول (شكسبير): «السُّمعة أكثر الخدع زيفاً وبطلاناً، فهي كثيراً ما تُكتَسبُ دون وجه حق، وتُفقَد دون وجه حق».


إنّ الشُّهرة فخّ كبير، فهي تذوى بموت الإنسان، وهو لن يستفيد من شهرتهِ بعد موته إطلاقاً، إنها سُخرية الحياة وطريقتها الماكرة في تسخير البشر لمُرادها وصيرورتها، فالموتُ الجسدي، يتبعه موتٌ معنويٌ بفَناء الذكرى والأثر.

إنّ الولع بشهوة الرّفعة الدنيوية، وهوس تحصيل الشّرف والمَكانة، من أشرّ النّزعات الطبيعية لدى الإنسان، ولا ينجو منها في مُعظم الأحيان حتى الحُكماء والمتصوّفة أنفسهم.


ينصحنا الفيلسوف (إبيقور) بالابتعاد عن الشّهرة والطموح السياسي، ويدعونا عوضاً عن ذلك إلى الإخلاص في الحياةِ والعمل، كما يلفتُ الشيخ (علي الطنطاوي) إلى خطورة أن تكون مشهوراً بقوله: «إنّي لأعجب ممن يسعى للشهرة ويراها شيئاً جميلاً.. ما الشُّهرة؟.. هي أن تفتح عليك الأعين كلّها، ويُراقبك الناس جميعاً فتفقد بذلك حريتك».

وهنا أقول: إذا أردتَ أن تكون متحرّرا من ضغوطاتٍ لا طائل من ورائها، رائقَ البال مطمئنّا، فتجنّب الشُّهرة، وتخلّص من أعباء الناس قدر الإمكان، وخالطهم بقدْر عقولهم، ثمّ اعتزل منهم مَن يُؤذيك، وتجاهل من لا يُقدّرك حقّ قدْرك.

يُحكى أنّ (هارون الرشيد) سأل مَن حوله: «من أسعدُ الناس؟»، فقالوا: «أنتَ يا أمير المؤمنين»، قال: «لا، بل أسعدُ الناس، رجلٌ له بيتٌ يؤويه، وعيشٌ يرضيه، ولا يعرُفنا ولا نعرفه».

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»