Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

سقط « المستبد « متى يسقط الاستبداد ؟!

(1)
سقط بن علي ، سقط مبارك ، وسقط القذافي ، وسيسقط آخرون ..
اللهم زد وبارك ! .. وماذا بعد ؟
الأهم من سقوط « المستبد « هو سقوط « ثقافة الاستبداد « التي أنتجته ..

A A

(1)
سقط بن علي ، سقط مبارك ، وسقط القذافي ، وسيسقط آخرون ..
اللهم زد وبارك ! .. وماذا بعد ؟
الأهم من سقوط « المستبد « هو سقوط « ثقافة الاستبداد « التي أنتجته ..
طالما هي موجودة ، ستنتج غيره بأشكال وطرق وعناوين مختلفة !
(2)
القذافي ( وأشباهه في كل مكان ) : نتيجة .
ابحثوا عن « الأسباب « التي هيّأت لوصوله ، وشاركت بصنعه ..
وقاتلوها بعقولكم وقلوبكم .
(3)
هذا « المستبد « العربي لم يهبط من السماء .. ولم يُصنع في المعامل الأجنبية ..
هو – في النهاية – واحد من العرب وفيهم .. له نفس ملامحهم ، ويتحدث بنفس اللهجة التي يتحدثون بها ، وشكّلته نفس الثقافة التي شكلتهم ، ونفس العادات والتقاليد ، ويردد نفس الأمثال الشعبية التي يرددونها .. وهم « أنفسهم « الذين هللوا له ذات يوم ، وصرخوا لأجل عينيه : تسقط الامبريالية ، وخرج بعضهم في مظاهرات وهم يهزجون ( بالروح بالدم .. نفديك يا زعيم ) ...

وعودوا بالذاكرة قليلاً إلى الوراء ، وتذكروا في حالة – القذافي على سبيل المثال – عدد الشعراء الذين تغنوا بمزاياه ، وعدد الكتاب الذين أشادوا بعبقريته ، وعدد رجال الدين الذين هللوا وكبروا له ، وعدد المشاهير الذين تسابقوا للحصول على دولارات الجوائز التي تحمل اسمه ، وعدد المؤسسات التي طبّلت ولمّعت وزيّنت الصورة وابتكرت ألف طريقة منافقة لرضاه وكسب وده ...
من لم يفعلها مع القذافي تحديداً – بسبب الجغرافيا واختلاف المصالح – فعلها مع غيره .. تختلف الجغرافيا ، ولا يختلف تاريخ النفاق ،
والثقافة العربية بما تحتويه من عناصر ، بإمكانها أن تحوّل أكثر الناس صلاحاً إلى مستبد !
أي تاريخ عربي هذا ؟.. 14 قرناً ، وعندما نفتش فيه عن نماذج – باستثناء الخلافة الراشدة – لا نجد في كتاب التاريخ العربي سوى صفحات معدودة هي المضيئة فيه وسط مئات الصفحات السوداء التي تملأها الدماء .
تشعر أنك أمام أمة تخصصت في صناعة الطغاة ، وأسست فن الاستبداد
(4)
على العرب أن يحاربوا كل ما في داخلهم من عادات وتقاليد وثقافة متوارثة تشارك في صنع « المستبد « . في حياتهم اليومية ، وفي أعمالهم ، وفي علاقاتهم الاجتماعية : يشاركون بصنع الكثير من « المستبدين الصغار « ، هؤلاء ينتجون في النهاية : المستبد الأكبر .
عليهم أن يمارسوا « النقد « تجاه كل سلطة .. مهما كانت صغيرة .
عليهم أن يربوا أولادهم على الشجاعة وقول الحق .. في وجوههم هم قبل وجوه الآخرين .
عليهم أن ينزعوا القداسة عن كل الزعامات التقليدية التي تحاصرهم .
عليهم أن ينفضوا الغبار عن كل النصوص التي تم لي أعناقها لتصبح خادما للمستعبد ، وإعادة النظر بكل ما تنتجه « ثقافتهم الشعبية « من أمثال ونصوص متخلفة تعلمهم الذل وتحذرهم من الحرية كأنها مرض !
(5)
المستبد ، سيذهب ذات يوم ، ويغيب عن المشهد ..
إن لم يكن على يد شعبه ، فالزمن كفيل بالقضاء عليه .
ما أسهل الخلاص من « المستبد « .. ولكن ..
ما أصعب الخلاص من « ثقافة الاستبداد « التي صنعته ، ومجدته .
المستبد : عمره ثلاثون .. أربعون .. خمسون سنة .
الاستبداد : عمره أكثر من ألف سنة .
على العرب أن يصنعوا تاريخاً يجابه تاريخهم ، وثقافة تلغي ثقافتهم ، وعادات جديدة تسخر من عاداتهم السابقة .. أو عليهم أن يستعدوا لـ « قذافي « آخر بنسخة جديدة وطبعة محسنة !

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store