Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حديث عنك .. وحدك !

(1)

A A

(1)
دائماً ما يتضاءل دور « الفرد « لدينا أمام « الجماعة « ويذوب فيها إلى درجة غير مرئية .. ليصبح جزءاً غير مرئي بدلاً من أن يكون له صورته الواضحة والمتفردة والحرة والمختلفة عن المجموع . وتنسحب الأحكام « الجماعية « على هذا « الفرد « قبل أن نعرفه بشكل جيّد .
لا نسأله : من « أنت « ؟
في الغالب نسأله : إلى أي « جماعة « أو جهة تنتمي ؟!.. والجهة – هنا – تعني الجماعة بشكل آخر . وبالعاميّة : « وش ترجع « ؟ / إلى أي جماعة تعود ؟!
نلغي شخصيته ، لنتعامل معه من خلال « الجماعة « التي ينتمي لها ، ونجزم أن له صفاتها وطباعها السلبية والايجابية ، فنحكم من خلال آرائنا المسبقة عن « الجماعة « إما معه .. أو عليه ، ونتخذ ما نراه مناسباً !
(2)
تتخذ « الجماعة « شكلاً مقدساً.. ومن شذّ منها – أو عنها – فهو خارج عن المألوف !
لا قيمة لـ « الفرد « .. ولا وجود لاستقلالية « شخصيته « عن الآخرين ، فما هو إلا جزء من « جماعة « مقيّد بإجماعها وعاداتها الاجتماعية ، وله ما لها من طباع وصفات ، وعليه ما عليها من أحكام جاهزة .
كأن من شروط تماسك « الجماعة « : تفتت « الفرد « وإلغاءه !
كأن حضورها .. يتألق في غيابه .
(3)
بإمكانك أن تجد شخصاً ينتمي إلى عائلة عظيمة .. ولكنه بلا قيمة .
وعلى النقيض تجد شخصاً ينتمي إلى عائلة بلا قيمة .. ولكنه عظيم .
ما الذي نفعله ؟!
نلغي صفاته الشخصية ، ونتعامل مسبقاً مع صفات « الجماعة « التي ينتمي إليها ، ونمنحه صفاتها السلبية والايجابية حتى وإن كان لا يستحقها .
تجدنا – بكل بساطة – نَصِف هذه الجهة – بأكملها – أو سكان هذا الاقليم بالبخل .. أو الكرم .
  هكذا حُكم جماعي !
ونَصِف هذه الجهة بقلة الولاء !!
ويأتي « أحدنا « ليبدأ حديثه أو خطابه بـ « نحن « !.. من أنت يا من قمت بإلغاء كل هؤلاء الأفراد ، وصرت تتحدث بالنيابة عنهم بصيغة الجمع ؟!.. من الذي منحك هذا الحق .. أياً كان شكل خطابك ومضمونه ؟
ثم ، هل نسيت أنك قبل أن تقوم بإلغائنا عبر ( نحن ) أنك نسيت الـ ( أنا ) الخاصة بك .. وألغيت نفسك ؟!
(4)
أعلم أن لكل « جماعة « صفات عامة .. ولكنني أعرف أن لكل « فرد « شخصيته المستقلة ، وصفاتها المختلفة ، وقيمه الخاصة به ، ولا يجب أن نحمّله أخطاء « الجماعة « أو نمنحه صفاتها الايجابية .. فقط لأنه ينتمي إليها ، بل يجب أن نتعلم احترام هذا « الفرد « ككائن – وكيان – مستقل ومختلف ، له صفاته وطباعه المختلفة .
فإن كنت تشارك – بوعي أو دون وعي منك – بإلغاء شخصية هذا « الفرد « الواقف أمامك ، فاعلم أنك تشارك بنزع شخصيتك وإلغاء خصوصيتك !
أيهما يهمك أكثر :
أن أعرف ( من أنت ) .. أم ( من أنتم ) ؟!
(5)
لا تصدق أن هناك « جماعة « حرة .. و» أفرادها « مستعبدون .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store