مثلَّت ولم تزل مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت وسيلة خطيرة في التعاطي مع الأحداث بغض النظر عن كِبَر حجمها أو صِغَرها على أرض الواقع من حيث الأهمية ، الأمر الذي جعلها تتناقل الأخبار بسرعة فائقة وتفاعل لافت بعيد كل البعد عن مقاص الرقابة المُتغلغل في مفاصل الوسائل الرسمية . مما انعكس سلباً على إحداث البلبلة داخل المُجتمع جراء تداعيات هذه الأخبار المُدعمة بالصور التي هي في الغالب حالات فردية لا ترقى لأن تكون ظاهرة يُمكن تعميمها ، مما يعني أننا أمام مُشكلة قديمة في مسماها جديدة في أسلوبها ألا وهي « الإشاعة « .
لقد منح هامش الحرية الممنوح – قسراً – للجميع على اختلاف درجة وعيهم استخدام مثل هذه الوسائط ، مما أدى إلى الكثير من افتعال الوقائع والأدهى والأمَّر تضخيمها وكأنها ظاهرة وصلت لمرحلة تُهدد أمن المُجتمع كله ، وبمجرد التأمل في الأطروحات وردود الأفعال عليها تجد أنها لا ترتكز على معلومة صحيحة ، بقدر ما هي تكهنات ذات طابع شخصي والمُلفت أن بعضها ينتهي بعبارة تقول : كما وصلني والله أعلم ، لذلك تفقد مصداقيتها عند من يتعامل مع هذه الوسائط بوعي - وهم القلة - ، ويتلقفها الآخرون على أنها مُسلَّمات ويقومون بإرسالها إلى قائمة جهات الاتصال لديه ، وكأنهم أتوا بما لم يأتِ به الأوائل - وللأسف هم الكثرة - .
قادني لهذا الطرح ما تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية حول انتشار المتسللين الأفارقة في الجنوب ، وقيامهم بعمليات خطف واغتصاب وسرقة مستندين في ذلك على بيانات غير دقيقة بل تصل لمرحلة عدم الصحة في بعض جوانبها ، في الوقت الذي يُصرح فيه المُتحدث الرسمي لوزارة الداخلية اللواء : منصور التركي بأن لا صحة لمثل هذه القضايا مُستبعداً أيضاً تشكيل عصابي يُهدد أمن المُجتمع ، وقد يقول قائل : إننا تعودنا مثل هذه التصريحات ، ولكن الرجل في سياق حديثه لم ينف أن ثمة وجود مُشكلة تتمثل في تسلل هولاء المجهولين ، بل حددها في تصريحه الذي نشرته هذه الصحيفة في عددها رقم ( 18208 ) وتاريخ 18 / 4 / 1434 بأن حرس الحدود يُحبط ( 1000 ) حالة تسلل يومياً ، ولكن أكثرهم - على حد تعبير التركي - مسالمون ، وليس لهم أهداف غير البحث عن عمل وفرص العيش مع وجود من يتسم بالعدوانية بينهم ، والجميل في التصريح أنه يتم التعامل معهم بشكل إنساني ، وهذا يدل على أن تقدير الظروف من قبل الجهات الأمنية للوضع الاقتصادي في بلاد المُتسللين مأخوذ به في الاعتبار ، لأن الباحث عن سد رمق الجوع لا يُعامل بمن انخرط في خلية هدفها زعزعة الأمن الوطني . إن خطورة الانسياق وراء الإشاعات التي تبثها هذه الوسائط التقنية التي بين عشية وضُحاها وجدنا أنفسنا نمتلكها دون حسيب أو رقيب سينعكس سلباً على أمن المُجتمع ؛ لأن انتشار مثل هذه الأخبار المغلوطة سيُحدث – حتماً – بلبلة تُعطل مسيرة التنمية ، وتجعل من البعض رهيناً لرسم سيناريو تشاؤمي للمستقبل ، مما يدعو إلى ضرورة دراسة هذه الظاهرة - أقصد سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت - من قبل المُتخصصين في علمي النفس والاجتماع لمعرفة دوافعها والتوصل لنتائج يُبنى عليها ابتكار وسائل ملائمة للحد من العبث غير الموضوعي لمُتعاطيها ، وهذا لا يعني تحجيماً للحريات الشخصية في قول ما تُريده ، بقدر ما هو إعادة تأهيل لمسيرة الحريات التي فُهمت – للأسف الشديد – على أنها قُل ما تُريد أن تقوله دون وجود مُحددات وضوابط لهذا القول .
التعاطي السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي
تاريخ النشر: 03 مارس 2013 03:38 KSA
مثلَّت ولم تزل مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت وسيلة خطيرة في التعاطي مع الأحداث بغض النظر عن كِبَر حجمها أو صِغَرها على أرض الواقع من حيث الأهمية ، الأمر الذي جعلها تتناقل الأخبار بسرعة فائ
A A