Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مهد الذهب (معدن بني سليم) وقراه عبق تاريخي وفي أعماق أرضه الذهب النفيس

مهد الذهب (معدن بني سليم) وقراه عبق تاريخي وفي أعماق أرضه الذهب النفيس

كان مهد الذهب وقراه ميدانًا ممتعًا للكاتب، حيث تجوّل بين قراه أكثر من عشرين عامًا، موجّهًا ومشرفًا تربويًّا، إضافةً إلى فتح عشرات المدارس بقرى المهد الحبيبة التي شغلت حيّزًا وافرًا من ذكرياته، فكم

A A

كان مهد الذهب وقراه ميدانًا ممتعًا للكاتب، حيث تجوّل بين قراه أكثر من عشرين عامًا، موجّهًا ومشرفًا تربويًّا، إضافةً إلى فتح عشرات المدارس بقرى المهد الحبيبة التي شغلت حيّزًا وافرًا من ذكرياته، فكم ضاع في طرقها، وكم توقفت سيارته بين تلك القرى وجبالها، ولاسيما بين جبال أُبْلَى -بالجنوب الغربي للمهد- حيث عَلِقت السيارة مرةً بين تلك الجبال، واستشهد ببيت شعرٍ قديم يقول:
عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِ إذ عَوَى
وصـوَّتَ إنسـانٌ فكــدْتُ أَطيــرُ
فقال مرافقٌ له -ربما شعر بالخوف، أو لم يعجبه البيت السابق- : (اذكر الله وصلِّ على النبي)، كما تعدد انقطاع الكاتب عن الأحياء (أي: الناس) حيث تمضي ساعاتٌ ولا يجد من يجيبه، وكم أمضى ساعات سامرًا مع بعض أهل تلك القرى الكرماء، ويستمع إلى قصص واقعية ويجنح أقلها إلى الخيال، وبعضها (أي: تلك القصص والأحاديث) عن (الجنّ ذكورًا وإناثًا)، فمنهم أي: من الجنّ من يحرق الملابس وغيرها في المنازل، ولاسيما تلك التي تحت الخيام، مثل خيام فلان وفلان، وبعضها تحرس الكنـز، كما أن (الجنيّة) كما يقول أحدهم تنـزل ليلًا من جبل عَلم -ما بين صفينة والصلحانية- والكاتب يستمتع بتلك الأحاديث دون تعليق، ويتذكّر عشرات القرى التي تتبع مهد الذهب مثل السويرقية، صفينة (سبق وأن كتب الباحث عنها)، السرحية (يعتبر الوصول إليها في وقتٍ مضى من المستحيلات)، سهلة المزرع، الشعبين، المويهية، حاذة، أم الغيران، القويعية، الأصعبية (وقد امتلأ القاع الكبير الذي يحيط بها بالماء إثر أمطار غزيرة متتالية، وحجز الكاتبَ وزملاءَه الموجهين في مبنى المدرسة لمدة يومين متتاليين، علمًا بأن الطريق ما بين المهد والمدينة المنورة يبدو أمامهم، وكان يكرر على زملائه):
فيا دارها بالكرخ إن مزارها
قريبٌ، ولكن دون ذلك أهوالُ
ومن تلك القرى أيضًا: قِرَان، السُّوسِيَّة، الهرّارة، البَدِيْع، البُدَيِّع، العقيلة، خرجاء، ثرب، عقيلة ثرب، السريحية، الركنة، العمق، مندسة العمق، الحمنة، الجرنافة، المواريد، الأصيحر، الغاشية، الصلحانية، مِشْوِقَة، البَرَّاقِية، الأكحل، وكل قرية من هذه القرى تقريبًا أبقت ذكرى لدى الكاتب، وعاصمة هذه القرى مهد الذهب الذي عرف منذ زمن بعيد بمعدن بني سليم، وبنو سليم قبيلة عربية ضاربةٌ في التاريخ كانت لها منازل واسعة، وأهم تلك المنازل موقع يستخرج منه الذهب قديمًا، لذلك يطلق على الموقع المعدن أي: معدن الذهب؛ لذا أصبحت للمهد شهرة عالمية في استخراج خامات الذهب إضافة إلى الفضة، وكشف التنقيب وجود معادن أخرى هامة جدًا مثل النحاس والرصاص والقصدير في جبل صايد وأم الدمار وهما تابعان لمحافظة المهد، كما يوجد بجبل صايد خامات العناصر المشعة مثل عناصر اليورانيوم، وإضافة إلى المعادن النفيسة التي تزخر بها المهد، فإن المهد وقراه كتابٌ تاريخيٌّ حيث تتعدد بعض الآثار القديمة والقصور المندثرة والبرك ولاسيما على مسار درب زبيدة، حيث يمرّ بمسافة (150) كيلومترًا على طول محافظة المهد من الشمال إلى الجنوب، وبين مسافة وأخرى تجد بعض الآثار على هذا الطريق مثل الآبار وأحواض الماء مختلفة الأشكال، ونشأت ضمن نطاق محافظة المهد كثيرٌ من القرى التاريخية مثل: صفينة (ديار الشاعرة الخنساء) والسويرقية وبالقرب من مدينة مهد الذهب بقايا قصور مبنية بالحجارة وتظهر على جوانب بقايا القصور بعض بقايا أبراج الحراسة، ويثبت ذلك مدى العمق التاريخي لتلك القصور، كما أن بها بقايا بَرك كبيرة وتتمثل هذه البقايا في الأساسات الحجرية، كما يشاهد الزائر بقايا آبار مطوية ودائرية الشكل ومربعة حول تلك البِرك.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store