Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

رواوة: بادية آل الخطـاب ومصيفهم

رواوة: بادية آل الخطـاب ومصيفهم

تغطي أرضَ الوطن الشاسعة آثارٌ متعددةٌ، منها ما يبدو واضحًًا على الأرض، ومنها ما استتر بطبقات من الأرض، ويعتبر الكاتب جميع المواقع الأثرية كنزًا من الكنوز لا تُقدّر بثمن؛ لأنـَّها نوعٌ من الثقافة ال

A A

تغطي أرضَ الوطن الشاسعة آثارٌ متعددةٌ، منها ما يبدو واضحًًا على الأرض، ومنها ما استتر بطبقات من الأرض، ويعتبر الكاتب جميع المواقع الأثرية كنزًا من الكنوز لا تُقدّر بثمن؛ لأنـَّها نوعٌ من الثقافة الوطنية التي تُبرِز ما قامت به الأمم السابقة، سواءً قبل الإسلام، أو في صدر الإسلام، وقد تتبع الكاتب مواقع المطارَدين من قِبل خلفاء وأمراء الدول الإسلامية، سواءً الدولة الأموية، أو الدولة العباسية، ومن أكثر المطارَدين آل البيت، لذا وجدت مواقع متخفيّة بعيدة عن حكام الدول الإسلامية منها: ينبع النخل، وسويقة (هناك عدة مواقع تُسمّى سويقة) منها: بمكة المكرمة، والمدينة المنورة، وفي ينبع، وبالقرب من السيالة في الطريق النبوي إلى بدر)، والعريض بالمدينة المنورة، كما أن هناك مواقع للمطارَدين من الأمويين من قِبل حكام الدولة العباسية مثل: (ذو خشب بين المليليح والمندسة، والمندسة شمال المدينة بالقرب منها)، وبه سدٌ أمويٌّ ومجموعةٌ من المباني الأثرية، كما أن ضفاف وادي العقيق مُلئت بالقصور الشهيرة، يرجع أغلبها لنسل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وقد أهملت هذه القصور من المئة الثانية للهجرة، واندثرت زمن الدولة العباسية، كما أن هناك مواقع لها ارتباط ببعض الخلفاء الراشدين مثل: رواوة حيث إن هذا الموقع له علاقة بسلسلة من أبناء عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لذلك كتبتُ العنوان (رواوة بادية آل الخطاب ومصيفهم)، وتقع رواوة إلى الجنوب من المدينة، وتبعد عنها حوالى 40 كم جنوبًا، شرق الطريق السريع الذي يربط بين المدينة/ جدة/ مكة، وقد حددها أحد المؤرخين قائلاً: (رواوة عبارة عن منخفض غائر في مرتفع جبلي يُسمّى الحلية، أو جبل رواوة)، ومنخفض رواوة نقطة تجمع مياه الأمطار والسيول، وهو عبارة عن غدير، ويدفع الفائض من الماء إلى وادي العقيق، وكانت رواوة معروفة منذ زمن قديم، وهي جزءٌ من حمّى وادي النقيع، وقد ذُكرت رواوة من قِبل عدد من المؤرّخين، حيث ذكرها الحموي في كتابه معجم البلدان، كما ذكرها الفيروزآبادي في المغانم المطابة، ووصف البكري غدير رواوة بقوله: (ولايُرى قعر هذا الغدير أبدًا ولا يفارقه الماء)، كما ذكر البكري بأنها ضمن حمّى النقيع، الذي يعتبر متبدَّى للناس ومتصيَّد. متبدَّى أي: بادية للناس يقضون فيه فترة الربيع، ومتصيَّد: أي: يتم صيد الغزلان وغيرها فيما يحيط برواوة من أودية وجبال، وقد خلد كثيّر عزة رواوة، حيث ذكرها في شعره، وذِكرُ كثيّر عزة رواوة دليلٌ على أنها كانت عامرةٌ في يوم من الأيام، ومعروفة بين الناس، حيث يقول:
أمِن طَلَلٍ أقْوَى مِنَ الحَيَّ مَاثِلُهْ
تُهيّجُ أحْزَانَ الطَّروبِ منازلُهْ
بكَيْتَ، وما يُبكِيكَ مِنْ رَسْمِ دْمِنَةٍ
أضرَّ بِهِ جَوْدُ الشَّمالِ ووابلُهْ
سَقى الرَّبْعَ مِنْ سَلْمى بنَعفِ رُوَاوَةٍ
إلى القَهْبِ أَجْوَادُ السَّمِيّ ووابلُهْ
وانْ كَانَ لا سُعْدى أَطَالَتْ سُكُونَهُ
ولا أهْلُ سُعْدى آخِرَ الدَّهرِ نازلُهْ
وإِنِّي لأَرْضَى مِن نَوالِكِ بالذي
لوَ أبْصَرَهُ الواشي لقرَّتْ بلابلُهْ
ورواوة مليئة بالنقوش الإسلامية، حيث ظهرت الكتابات المنقوشة على الصخور على شكل مجموعات، إمّا على واجهة صخرية واحدة، أو متفرقة على عدد من الصخور، وهذه النقوش عبارة عن أسماء أغلبها تنتسب لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مثل: زياد بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وأبو سلمة بن عبدالله بن عمر بن الخطاب... إلخ، وأسماء أخرى تنتسب إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حيث سكنت رواوة من قِبلهم. هذه لمحة عن موقع من المواقع التي تغطي الوطن الغالي على اتساع مساحته.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store