Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

“قصر آل محي”.. شاهد الانتصار على حملات محمد علي

“قصر آل محي”.. شاهد الانتصار على حملات محمد علي

يُعتبر قصر آل محي القابع على تل مرتفع شمال محافظة تربة من آثار المحافظة ومعالمها التاريخية، نظرًا لما يحتويه من معالم أثرية قديمة، إذ ارتبط اسمه في الأذهان بمعركة البقوم ضد حملات محمد علي باشا، وال

A A

يُعتبر قصر آل محي القابع على تل مرتفع شمال محافظة تربة من آثار المحافظة ومعالمها التاريخية، نظرًا لما يحتويه من معالم أثرية قديمة، إذ ارتبط اسمه في الأذهان بمعركة البقوم ضد حملات محمد علي باشا، والتي انتصر فيها البقوم آنذاك.
وتم بناء القصر قبل أكثر من 400 سنة، واستخدم في تسقيفه أكثر من 21 جذع نخلة وضعت على حواف الجدران، ثم غطيت بجريد النخل، ووضع عليها الطين، وهو مقسم إلى خمسة أجزاء يسكنها خمس أسر هي: بنو حمد - بنو هندي - بنو حسين - وبنو مشرع، وراجح بن ظاهر.
«المدينة» تجوّلت في القصر، الذي تهدمت أجزاء كبيرة منه، والتقت فيه الشيخ عبدالله بن هندي البقمي، الذي عاش بداية حياته في هذا القصر، حيث أشار إلى أن قصور الطين تتميّز بمتانتها وقوتها ومقاومتها لعوامل التعرية، لافتا إلى أن قصر ال محي يتعرض للاندثار، قائلًا: «كلنا أمل في أن تهتم هيئة السياحة والآثار بهذا القصر وترممه وتوثيقه ضمن آثار محافظة تربة القديمة».
وبيّن أن بوابة القصر تقع في الجهة الشرقية، وهي ومصنوعة من الخشب ولها ضبة كبيرة لا يمكن كسرها عند إغلاقها بإحكام، وكانت الجِمال المحمّلة بالتمر والحبوب تدخل من هذه البوابة داخل القصر لتضع أحمالها.
السواري والعلية.
ولفت إلى أن القصر يحتوي على عدد كبير من السواري، وهو عمود يُبنى من الطين بعرض المتر أو أكثر؛ حتى يتحمّل ثقل جذوع النخل في المساحات الكبيرة، ومازالت هذه السواري قائمة حتى الآن رغم تهدم أجزاء كبيرة من القصر، ملمِّحًا إلى أن القصر يوجد به العلية، وهي غرفة تبنى على السطح في إحدى الزوايا، ويتم الصعود إليها عن طريق درج يُبنى من الطين أيضًا، وهي تستخدم في فصل الصيف، حيث تصعد الأسر إليها في المساء للجلوس والنوم بها؛ لأنها تكون مرتفعة وباردة، وبعيدة عن الحشرات والزواحف، كما يمكن رؤية المزارع والأماكن المحيطة من العلية بسهولة؛ لأنها مرتفعة.
المحالة
وبينما عثرنا في إحدى الغرف على قطعة خشبية مستديرة صنعت بشكل متقن يلفت الأنظار، أفاد الشيخ عبدالله بأنها المحالة، قائلًا: «تصنع من جذوع الإثل بشكل دائري أملس من الداخل، ومسنن من الخارج، وتستخدم لسحب الماء من البئر، حيث يوضع ساريتان من خشب الأثل على حافة البئر، ثم توضع المحالة في عمود خشبي، وتربط على السواري، ويوضع عليها الحبل لسحب الدلو من البئر، الذي كان موجودًا في القصر».
الجصة
من جهته، أفاد محمد سعد آل محي البقمي إلى التمر في الماضي كان يشكل أمنًا غذائيًّا للجميع، ومحافظة تربة تشتهر منذ القدم بزراعة النخيل وإنتاج أجود أنواع التمور لوقوعها على وادي تربة الشهير والغني بالمياه، قائلًا: «حرص الأجداد على وضع الجصة في كل قسم من أقسام القصر»، مبينًا أنها عبارة عن مخزن لحفظ التمر، ويختار لها صاحب البيت مكانًا في زوايا إحدى الغرف، ويحرص على أن يكون باردًا وجافًا. ولفت إلى أنه يُعمل في البداية أساس يُرفع ذراعًا، ومن ثم تُبنى الجدران من اللبن (الطين) بارتفاع المتر والنصف تقريبًا، وقد يزيد عند البعض، وعند انتهاء البناء يتم مسح جدران الجصة بدبس التمر حتى تغلق مسامه؛ فيصبح نظيفًا وملمسه ناعمًا، ويوضع في أسفلها ثقب صغير يسمح بخروج دبس التمر بعد رصّه.
وأضاف إنه عند نضوج التمر يتم تنقيته، ومن ثم يوضع في الجصة، ويتم رشه بالماء ورصة جيدًا حتى يتماسك، ثم يوضع عليه جريد النخل الأخضر، ويتم إغلاق باب الغرفة التي بها الجصة حتى لا تصله أيدي مَن بالمنزل، ويكون المسؤول عنه رب المنزل. وتظل الأسرة تأكل من تمر الجصة طوال العام، كما يقدم للضيوف.
طرق بدائية
وبيّن ممدوح البقمي أنه تم الاعتماد في بناء القصر على المواد المتوفرة في ذلك الوقت، مشيرًا إلى أن الأجداد كانوا يجمعون الطين ويخلطونه، ويقومون بتخميره، ومن ثم يصنعون منه اللبن بواسطة صناديق خشبية، ويترك حتى يجف، ثم يستخدمونه في بناء الجدران، التي يتم تسقيفها بجذوع النخل، وخشب الأثل، وتغطيتها بجريد النخيل.
وعند خروجنا من القصر واجهنا مسجدًا كبيرًا تم بناؤه قبل أكثر من 150 عامًا من الطين بنفس الطريق التي بني بها القصر، ومازال صامدًا في وجه التحديات، التي يواجهها من عوامل التعرية والأمطار بانتظار تدخل المسؤولين للمحافظة عليه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store