Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

جدة مع غشقة مطر

العاصفة المطرية التي مرت على مدينة جدة يوم الأحد 23 محرم 1436هـ أحدثت إرباكا كبيرا بين معظم سكان المدينة، خاصة أنها جاءت متزامنة مع خروج طلاب المدارس والموظفين من أعمالهم، مما أحدث تكدساً كبيراً بين أ

A A
العاصفة المطرية التي مرت على مدينة جدة يوم الأحد 23 محرم 1436هـ أحدثت إرباكا كبيرا بين معظم سكان المدينة، خاصة أنها جاءت متزامنة مع خروج طلاب المدارس والموظفين من أعمالهم، مما أحدث تكدساً كبيراً بين أرتال السيارات المتجهة لكل مكان. ورغم أن أمطار العاصفة كانت متوسطة (25 ملم) حسب قياسات الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة إلا أنها كانت مزعجة ومربكة للكثير من الناس، خوفاً من تكرار تجربة الأمطار السابقة التي مرت بها هذه المدينة قبل ست سنوات تقريباً، ورغم تلك الرشة الخفيفة غرقت معظم الشوارع والطرقات في بحور من المياه المتجمعة في كل مكان، وبقي الذاهبون لمنازلهم داخل سياراتهم لفترة طويلة امتدت لثلاث أو أربع ساعات حتى يصلوا إلى منازلهم نظراً لتداخل السيارات وهلع الناس الذين يريدون الوصول إلى بيوتهم سالمين، وكان هذا الإرباك نتيجة لعدم وجود قنوات صرف لمياه الأمطار؛ مما أدى إلى هلع الناس خوفاً من تكرار العاصفة المطرية، وزيادة مناسيب المياه في الشوارع، وغرق الكثير من السيارات (كما حدث في شارع جاك الشهير)، وارتفاع منسوب المياه لأكثر من متر.
السؤال الملح الذي يطرحه سكّان جدة: ماذا استفدنا من تجربتنا السابقة مع السيول والأمطار التي اجتاحت مدينتنا قبل عدة سنوات؟ ماذا تم بخصوص شبكات تصريف مياه الأمطار داخل المدينة نفسها بعد أن ظهر عدم جدواها بعد الأمطار الأخيرة؟ ما الذي أنجزته الأمانة أو غيرها من الجهات المعنية لحل مشكلة تصريف مياه الأمطار والمياه الراكدة في مواقع كثيرة من مدينة جدة (668 موقعا) حسب إفادة أمانة محافظة جدة وبعد مرور ست سنوات على الكارثة الأولى؟ هل فعلاً استفدنا من تجاربنا ومآسينا السابقة لحل إشكالاتنا اللاحقة بخصوص مياه الأمطار والسيول في هذه المدينة المظلومة؟ هل جدة كمدينة حضارية رائدة تستحق منّا هذا التغافل حتى تغرق في شبر ماء أو غشقة مطر؟ من نلوم ومن نعاتب على هذا القصور الذي شل حركة الانسيابية في المدينة كلها من عاصفة مطرية متوسطة أحدثت من الإرباك ما لا يعلمه إلا الله؟
صاحب مآسي الأمطار وجود حفر وبالوعات مفتوحة مغطّاة بمياه الأمطار وفي كل مكان، وبعض الطرقات والشوارع الرئيسة تكونت بها حفر عميقة أعطبت العديد من السيارات، وكادت تهلك أصحابها، هبوطات الشوارع وزيادة الحفر كشفت المستور وأظهرت الشركات المنفذة لهذه المشاريع على حقيقتها، والتي فقدت مصداقيتها مع أول رشة مطر في هذا العام، وأصبح الإنسان يمشي في برك من المياه المتلاطمة، وقد يفاجأ بأي حفرة يسقط فيها، والكل يسير بحذر شديد وترقب بالغ خوفا من أن يسقط في جرف أو شق لأحد المشاريع المنفذة في طول المدينة وعرضها.
جدة تحتاج فعلا وبصفة عاجلة لشبكة تصريف لمياه الأمطار الساقطة في داخل المدينة نفسها، والتي تنشئ سيول محلية سرعان ما تغطي معظم شوارعها، وتغرق أحياءها، وتربك حالتها المرورية، وتصيب سكّانها بالخوف والهلع من تكرار تساقط الأمطار وتكرارية السيول.
لنا رجاء في الجهات ذات العلاقة بمدينة جدة أن يراعوا اختيار الشركات المنفذة لمشاريع الصرف، ومراقبة مد شبكات تصريف مياه الأمطار فعلياً وليس وهمياً أو على الورق فقط؛ وأن تكون هناك لجان متابعة ذات نزاهة عالية ومن جهات متعددة للوقوف على جودة هذه المشاريع ونسبة مصداقيتها؛ وأن تُرفع تقارير دورية لسمو أمير المنطقة وسمو المحافظ لما تم إنجازه من هذه المشاريع، ونسبة ما نُفِّذ منها، وهل هو كافٍ لعدم تعرض المدينة للغرق مرة أخرى؟ وأن يُحاسَب كل مُقصِّر علناً ليعلم الجميع أنه قصّر في حق مدينته، وأنه ليس أهلاً للثقة؟ وأن نحافظ على الملايين المهدرة بسبب سوء الاستخدام أو تقاعس بعض الجهات عن سلامة وحماية المواطن من مواقع الخطر؛ وأن يطمئن الناس بأن هناك جهات معنية تسعى جاهدة لحماية المواطنين والساكنين من مخاطر المطر وغيره، بتوفير بيئة آمنة من الكوارث والأزمات بمشاريع فاعلة تقضي على مصادر الخطر؛ وأخيراً ليعلم الجميع بأن المطر نعمة من الله نفرح لهطوله، ونستبشر بقدومه، إذا أحسنّا التصرّف معه واحترمنا مجاريه، وسارعنا في تحديد مساراته، وتصريف فوائضه، وتقليل درجة خطورته، حتى نسعد بهطوله غيثا مغيثا صيبا نافعا غدقا ينفع به الله البلاد والعباد. اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب. حفظ الله الجميع من كل مكروه.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store