Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الحوراء.. وكم في العيون من حورٍ

No Image

نشرت جريدة الجزيرة الغراء في العدد رقم (15396) الصادر يوم الاثنين 3 محرم 1436هـ في صفحة (43) في زاوية (وجهات نظر) مقالاً للأستاذ مقبول بن فرج الجهني، تناول فيه مدينة (أملج) والسياحة، وكم كتب محب ال

A A

نشرت جريدة الجزيرة الغراء في العدد رقم (15396) الصادر يوم الاثنين 3 محرم 1436هـ في صفحة (43) في زاوية (وجهات نظر) مقالاً للأستاذ مقبول بن فرج الجهني، تناول فيه مدينة (أملج) والسياحة، وكم كتب محب الحوراء من مقالات يطالب فيها بما يزيد من جمالها، وقلب (مقبول) قد أضناه عشق الحوراء حتى وصل درجة (مريد)، وهي درجة تُعَرّف بـ(وَأَنّكِ مَهْمَا تَأْمُرِيْ القَلْبَ يَفْعَلِ)، ويطلق الحَوَرُ على العين عندما يشتد بياضها، كما يشتد سوادها، مع استدارة حدقتها، ورقة جفونها، وحور جمع حوراء، ويزداد جمال العين ولاسيما إذا كانت حوراء (حور عين)، والحوراء التي في عينها كَحل وملاحة وحسن وبهاء، وقد يطلق على المرأة عندما تكون شديدة بياض الجسد، مع شدة بياض العين، في شدة سواد مقلتها. ويمثل الحَوَرُ جمالاً؛ لذا تغنّى به الشعراء، ولا سيما إذا كان ذلك الحَوَرُ في العُيون.. ألم يعلن ذلك صراحة الشاعر العربي الشهير جرير:
إنّ العيونَ التي في طرفِها حَوَرٌ
قتلننَا ثمَّ لمْ يحيينَ قتلانَا
والحَوَرُ قد حيّر بعض الشعراء

قال أحدهم:

لقدْ تحيَّرَ وصفِي في حقيقتِهِ
كمَا تحيّر في أجفانِهِ الحورُ

بل إن الفيلسوف عمر الخيّام له نظرة في الحَوَرِ، حتى إذا تحوّل إلى عالَم آخر:

فكمْ تَوالَى الليلُ بعدَ النهارِ
وطالَ بالأنجمِ هذا المدار
فامْشِ الهوَينا إنَّ هذا الثَّرى
من أعْيُنٍ ساحِرَةِ الأحْوِرار

والحوراء وهو اسمٌ (أملج)، حتى قبل أقل من مئة عام، فقد ذكرها المؤرّخون القدامى والرحالة، ومن وصف قوافل الحجيج باسم الحوراء، وذُكِرَتْ قديمًا باسم (البيت الأرض)، و(الدار البيضاء)، فهي أقدم مَن حمل هذين الاسمين قبل أن يعرف البيت الأبيض، أو الدار البيضاء، فهي أحقّ بالاسم منهما، كما ذكر المؤرّخون أن أهلها بنوا كعبة بالعظام في الجاهلية؛ ليوفروا مشقة السفر إلى (مكة)، والحوراء معروفة بهذا الاسم في زمن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم -قبيل غزوة بدر- طلحة بن عبيدالله، وسعيد بن زيد -رضي الله عنهما- ينتظران قافلة أبي سفيان عند رجوعها من الشام، حتى إذا وصلا (الحوراء) على طريق الشام -مكة- مكثا هناك، فلمّا مرت القافلة، أسرعا إلى المسلمين يخبران النبي صلّى الله عليه وسلّم بأمرها، وبعض المسميّات لا زالت كما كانت، حيث ورد ذكر «بوانة» فعن ثابت بن الضحاك قال: (نذر رجل على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن ينحر إبلاً ببوانة، فأتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبد؟ قالوا: لا. قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوفِ بنذركَ فإنّه لا وفاءَ لنذرٍ في معصيةِ اللهِ ولا فيما لا يملكه ابن آدم).
وبوانة جبل متوسط الارتفاع على ساحل البحر الأحمر، وما زال بنفس المسمّى، ويقع قريبًا من الحوراء (أملج) وتوارت الحوراء عن الأنظار بكنوزها بعد أن أضناها سفر السنين الخوالي، واتخذت سترًا من الرمال الذهبية، وقد عدد الكاتب بعض محاسن الحوراء في مقالات متعددة، كما استمتع بين فترة وأخرى بـ(درر تبوك فتارةً كتب عن تبوك، وتارةً عن تيماء، وأحيانًا عن حقل، وآونة عن حفائر شعيب، وآونة أخرى عن الوجه الحَيي) وغيرها فمثلي كمثل المتتبع لمنازل حبيبته أينما كانت:

يومٌ بحـزوى، ويومٌ بالعقيــق
وبالعُذيب يومٌ، ويومٌ بالخليصَـاءِ
وتارة تَنْتَحِي نجـدًا، وآونــةً
شعبَ الغُويْرِ، وطَوْرًا قصرَ تيماءِ

وقد تم جمع تلك الدرر بين دفتي كتاب (سيطبع قريبًا إن شاء الله) ولاسيما أن ما كتب عن تلك الدرر يمثل أدبًا راقيًا، وحبًّا عميقًا، وقد وجدت أن تلك الدرر لا تهرم، ولعلّها تستمد شبابها من أميرها.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store