Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

قضاة ومحامون: «الدعوى الكيدية» صوت الضعف.. وللمتضرر الحق في التعويض

قضاة ومحامون: «الدعوى الكيدية» صوت الضعف.. وللمتضرر الحق في التعويض

استقبلت محاكم 13 منطقة من مناطق المملكة دعاوى تم تسجيلها على أنها دعاوى كيدية، خلال فترة 120 يومًا منذ بداية العام الحالي 1436هـ، وتصدرت منطقة الرياض الدعاوى وهذا الأمر يعتبر رقمًا كبيرًا وعددًا ها

A A

استقبلت محاكم 13 منطقة من مناطق المملكة دعاوى تم تسجيلها على أنها دعاوى كيدية، خلال فترة 120 يومًا منذ بداية العام الحالي 1436هـ، وتصدرت منطقة الرياض الدعاوى وهذا الأمر يعتبر رقمًا كبيرًا وعددًا هائلاً في فترة قصيرة، وقد ذكر قضاة ومحامون لـ»الرسالة» أن ضعاف النفوس هم من يقدمون على رفع هذه القضايا؛ والتي غالبًا ما يكون البعد عن الله سببًا لها مؤكدين أن هذه القضايا أشغلت المحاكم وأعاقتها عن البت في قضايا أهم، موضحين أن المدّعى عليه المتضرر له الحق في المطالبة بتعويض عن الأضرار التي لحقته بسبب الدعوى الكيدية.
أوضح القاضي الشيخ عصام الراجحي قاضي محكمة الاستئناف بمكة المكرمة أن عدم الخوف من الله والخوف من عقابه والبعد عنه هو أحد وأهم أسباب وجود هذا الكم من القضايا الكيدية، مشيرًا إلى أن الدعاوى الكيدية قليلة مقارنة بالقضايا التي تستقبلها المحاكم يوميًّا، فهي تستقبل أعدادًا كبيرة وهائلة ولا تمثل الدعاوى الكيدية إلا نسبة يسيرة وقليلة لا تكاد تذكر مقارنة بغيرها.
وأضاف الراجحي: إنه يحق للشخص المتضرر إقامة الدعوى على الشخص الذي تسبب له في أضرار ومتاعب بسبب دعوى كيدية، وله أن يطالبه فيها بمبلغ مالي أو تعزير بقدر التبعات والأضرار التي لحقته بسبب تلك الدعوى.
موضحًا أن القضايا في المحاكم تأخذ مجرى واحدًا في طريقة التقديم وفي المرافعة للمحكمة، سواء كانت هذه القضية في الديات والميراث أو مطالبة بحق أو قضية، جميعها لابد فيها من سماع الدعوى والبينات وسماع الشهود، ولا بد أن تأخذ أي منها مجراها القضائي المعتاد كأي قضية أخرى، وكل قضية لها ملابساتها ولها إجراءاتها وأدلتها وإثباتاتها فالقضايا تختلف.
التعامل مع الدعوى
وبين الراجحي أنه بحسب هذه الأدلة والبينات والتصورات يكون حكم القاضي على المتسبب في الأضرار إمّا وجد له عذرًا أو حكم عليه بغرامة مالية أو بسجن أو جمع له بين السجن أو الغرامة المالية، وقد يكتفي القاضي بتعهد خطي من المدّعي أو يقرر صرف النظر عنه، وهذه الأحكام والعقوبات يقررها القاضي بحسب ما توصل إليه خلال جلسات المحاكمة، وما ثبت عنده من أدلة وبيّنات.
لافتًا إلى أن الدعوى الكيدية هي التي يتحقق فيها عند القاضي أن المدّعي قصد فيها أن يضر بخصمه، أو يأخذ حق له، أو أن يمنعه منه، أو يقف في طريق وصوله إليه، فيكون القصد منها الضرر والكيد بالآخر، فيستوفي القاضي كل الآراء ويسمع من كل الأطراف.
توعية وتوجيه
ودعا الراجحي إلى تكثيف التوعية الدينية للحد من هذا الدعوى وتذكير الناس بالله وتقواه والخوف منه، وألا يطالب الإنسان بحق ليس له، وأن يصدقوا مع الله ويعلموا أن هذه القضايا في الدنيا، وستعرض يوم القيامة يوم الوقوف أمام الله، ويأخذ لكل صاحب حق حقه، ولكل مظلوم مظلمته ولا مفر.
ونوّه إلى الدور الكبير الذي يقع على عاتق الإعلام في توعية المجتمع والسعي إلى توجيههم في عدم إشغال المحاكم والقضاء والشرطة واستهلاك وقتهم في دعاوى وقضايا باطلة لا وجه لها من الصحة؛ ممّا يضيع الكثير من الوقت، ويقف عائقًا أمام كثير من القضايا ويأخذ الحق ومكان كثير من الأمور المهمّة والضرورية، مؤكدًا أن هذه القضية والدعوى المشغلة قليلة جدًا ولم تصل لحد الظاهرة بعد، وإن شاء الله مع التوعية والتوجيه والإرشاد ستختفي حتى تتفرغ الدوائر الحكومية من قضاء وشرطة وأمن وغيره إلى ما هو أهم وأنفع للناس.
الظلم والأذية
من جهته قال المحامي وليد دحلان إن ضعاف النفوس من الناس يريدون بغير وجه حق أن يستولوا على حقوق الناس، فيحاولون التحايل على القضاء برفع مثل هذه القضايا والدعاوى الكيدية ويلجأون إلى حبك المكايد ليظفروا من خلالها بما ليس حقا لهم ظلما وبهتانا، وعادةً ما ترفع مثل هذه الدعوات من أشخاص ضد أشخاص تربطهم علاقة فيما بينهم إما صلة قرابة أو شراكة في مال معين.
مضيفًا: إن هذا الأمر مما يولد الحقد والبغضاء بين الناس وبين الأقارب والأصدقاء، وممّا يفرق ويكرس العدائية والكره، وأن هذه الدعاوى قد تعطل مصالح الغير وتؤذيه وتشغله عن أموره واهتماماته ومصالحه، وتعتبر الدعوى الكيدية من أذية المسلم وظلمه والجور عليه وأخذ حقه، والظلم والأذية يحرمها الإسلام.
تطوير القضاء
وذكر المحامي دحلان أن الأنظمة القضائية في المملكة حثت على الحد بقدر الإمكان من هذه القضايا الكيدية، وقد أصدرت نظاما قضائيا جديدا يخص الدعاوى الكيدية وكيفية التعامل معها والإجراءات المتبعة فيها، والنظام يتحدث وينص باختصار أنه في حال ثبت أن هذه الدعوى كيدية فإن للمتضرر أن يطالب بتعزير من رفع الدعوى الكيدية عليه إذا ثبت ذلك عند القاضي.
مبينًا أن هذا النظام جاء في إطار مشروع تطوير القضاء وجاء تحت مسمّى «قواعد الحد من أثار الشكاوى الكيدية والدعاوى الباطلة بالمملكة العربية السعودية» وفيه قواعد ولوائح الدعوى الكيدية من ضمنها وأولها أن رفع الشكاوى حق لكل شخص، ومن أهمها كذلك أن من تقدم في قضية منتهية بحكم أو قرار يعلمه هو وأخفاه يجوز إحالته للمحكمة المختصة؛ لتقرير تعزيره وهذا ما ذكرناه سابقًا أن للقاضي تعزير من رفع الدعوى الكيدية إذا ثبت عند القاضي أنها دعوى كيدية، ومعنى التعزير أن الحكم يرجع إلى القاضي وهو من يحدد نوع وآلية العقوبة وقدرها ومدتها.
وأكد المحامي دحلان أن من ضمن المواد أن من تقدم بدعوى خاصة وثبت عند المحكمة كذب المدعي في دعواه للقاضي أن ينظر في تعزيره وللمدّعى عليه المطالبة بتعويض عمّا لحقه من أضرار بسبب هذه الدعوى، وأنه يحق للمدّعى عليه التعويض ماديًّا عن الأضرار والتكاليف المادية الـتي أصابته بسبب الدعوى، وعلى المدعي أن يدفع له مقابل ما أصابه من أضرار.
موضحًا إلى أنه لا يوجد مانع من تقديم دعوى خصوصا وأن الدعوى والقضايا تقديمها للمحاكم والمطالبة بالحق في المملكة العربية السعودية مجانيًّا ومن غير أي مقابل ولا مجال لضبط هذه القضايا والدعوى مع كثرتها إلاّ ضمن أنظمة وقواعد ولوائح عقوبات وأحكام ترتب على المدعي والمدعى عليه في حال ثبوت الكذب من عدمه.
لوائح وعقوبات
وأشاد المحامي دحلان بالقانون واللوائح التي أصدرتها المملكة العربية السعودية في الحد من مثل هذه القضايا، وهي ضمن منظومة تطوير القضاء التي ضمت أجمل وأروع الأنظمة واللوائح في القضاء، ولعلها تساعد في الحد من الدعاوى الكيدية الكثيرة التي أشغلت المحاكم والقضاء عن قضايا أهم منها، وأخذت الكثير من الوقت، وأن هذا القانون يجب توعية الناس به حتى يعرف الشخص المتضرر ما هو حقه القانوني وما هي الإجراءات والقوانين فلا يذهب حقه سدى، وليعلم المدعي ما يترتب عليه من أحكام وعقوبات في حال ثبت عند القاضي أن هذه الدعوى دعوى كيدية، فقد يعدل عن إضاعة وقت القضاة والمحاكم إذا عرف ما يترتب عليها من عواقب وأحكام وبذلك تقل وتتلاشى هذه الدعاوى.
وأشار المحامي دحلان إلى أن هناك خلطًا عند الناس بين الدعوى الباطلة والدعوى الكيدية مع أن هناك فرقا كبيرا بينهما، فالدعوى الباطلة قد تكون باطلة بسبب عدم اكتمال ملف القضية أو أن المستندات غير مكتملة، أو أن يحصل لبس عند المدعي وفهم فهما خاطئا أن هذا حق له وهو ليس حقًّا له، أمّا الدعوى الكيدية فالهدف منها الكيد والأضرار بحبك المكائد على الشخص المدّعى عليه؛ لأجل أخذ حقه من غير أي وجه صحيح فهو يختلق، ويأتي بهذه الدعوى من عنده بحيث يضر به ويعطله في المحكمة وهذا الفرق واضح.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store