Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أروقة المسجد الحرام من «العباسي» حتى التوسعات السعودية الكبرى

No Image

يعود إنشاء أروقة المسجد الحرام التاريخية بوصفها جزءًا من ذاكرة المكان الذي ظل صامدًا طوال 1270 عامًا، وصولًا إلى العهد السعودي الذي توالت التوسعات على مرّ ملوكه إلى يومنا الحالي عهد الملك سلمان بن

A A

يعود إنشاء أروقة المسجد الحرام التاريخية بوصفها جزءًا من ذاكرة المكان الذي ظل صامدًا طوال 1270 عامًا، وصولًا إلى العهد السعودي الذي توالت التوسعات على مرّ ملوكه إلى يومنا الحالي عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي ستنجز فيه التوسعة الأعظم على مر تاريخه ويرجع تاريخ بناء الرواق العباسي إلى العمارة الأولى، والتي قام بها الخليفة العباسي محمد المهدي (158 - 169 هـ) حيث أمر بتنفيذ عمارة شاملة للمسجد الحرام وتوسعته.
العمارة الأولى للخليفة المهدي:
بدأت العمارة الأولى للخليفة المهدي عندما حج المهدي عام 160 هـ، ورأى ضيق المسجد الحرام بالمصلين، فأمر بعمارته وتوسعته في أعلاه، وأن يشتري ما كان في ذلك الموقع من الدور، فتهدم وتضاف مساحتها إلى مساحة المسجد الحرام، وأوكل للشيخ محمد بن عبدالرحمن بن هشام الأوقصي المخزومي قاضي مكة آنذاك بالقيام بهذا العمل، وبدأت عمارة المسجد الحرام بتوسعته وهدم ما حوله من المنازل، وتم بناء أروقة المسجد الحرام، وأمر بالأساطين من الرخام فحملت من مصر والشام في المراكب إلى الشعيبة، فجمعت هناك وجيء بها على العربات التي تجرها الدواب إلى مكة. وقد أقيمت الأروقة على أساطين الرخام، وسقفت الأروقة بخشب الساج، وكانت ثلاثة صفوف.
بلغت الزيادة الجديدة التي جاءت في الناحية الشرقية من المسجد الحرام مما يلي المسعى حوالى (7950) مترًا مربعًا، وهي زيادة كبيرة زادت من مساحة المسجد إلى حوالى الثلث، حيث أصبحت مساحة المسجد الحرام بعد التوسعة الأولى للخليفة المهدي حوالى (23.390) مترًا مربعًا.
التطوير العثماني لأروقة المسجد الحرام وبناء القباب
أسهمت الدولة العثمانية بدور كبير في ترميم المسجد الحرام بمكة المكرمة وعمارته، وقد ظهر هذا الاهتمام منذ ضم الحجاز للدولة العثمانية في سنة 923هـ /1517م. وفي عهد السلطان سليمان القانوني (927-974هـ) لقي المسجد الحرام عناية خاصة منه، فقد أمر في سنة 931هـ بترميم السقف الشرقي للمسجد الحرام عناية خاصة منه، بعد ظهور بعض الخلل في أخشابه، كما أمر بتبديل الأعمدة الموجودة حول المطاف بأعمدة مصنوعة من النحاس الأصفر، وجعل بينهما أخشابًا لتعليق القناديل عليها، كما قام في العام التالي 932هـ بتعمير المقام الحنبلي، والمالكي، وباب بني شيبة (السلام)، وباب علي.
وفي سنة 959هـ جددت أعمدة المسجد الحرام وأروقته، وبني الرواق الشرقي المتصل بباب الندوة، وتم البناء بالحجر من منطقة الشميسي، كما تم ترميم مدخل الباب الغربي، ومدخل باب إبراهيم، وفرش صحن المطاف ببلاط جديد، وأعيد بناء المآذن الثلاث.
وفي عهد السلطان سليم الثاني (974-987هـ / 1576-1574م) رفع ناظر المسجد الحرام إلى السلطان تقريرًا محررًا في سنة 978هـ يفيده فيه بأن الرواق الواقع شرقي المسجد الحرام قد تكسرت بعض أخشابه فمال نحو صحن المطاف بنحو (48 سم)، وأن أخشاب السقف التالف ظهرت من رؤسها، فما كان من السلطان سليم الثاني إلا أن أمر بعمل الاستعدادات اللازمة.
وفي أوائل ربيع الأول عام 979هـ بدئ في تنفيذ مشروع ترميم الرواق التالف تحت إشراف أحمد كتخدا والي جدة، والقاضي بدر الدين حسين الحسيني ناظر المسجد الحرام آنذاك. وقد تم بناء الأساسات واستبدل بالأعمدة الخشبية التي تحمل السقف أعمدة من الرخام، وبعد ذلك تم بناء القباب التي بنيت على الطراز المعماري الإسلامي العثماني، فأصبح سقف المسجد مقببًا لأول مرة، وذلك ليؤمن تآكل الأخشاب الذي كان كثير التلف، وعدم الحاجة إلى استبداله بين الحين والآخر، وحتى تكون الأروقة أكثر تبريدًا بشكلها المقبب، ولوقاية السقف من الطيور والحشرات والزواحف.
التوسعات السعودية والحفاظ على الرواق العباسي
أبدى الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - اهتمامه البالغ بالحرم المكي الشريف من خلال التوسعة السعودية الأولى عام 1389هـ بمساحة (171.000) متر مربع. حيث حافظت التوسعة على الطراز المعماري للرواق العباسي وزادت المساحة حولها لتيسير الطواف للحجاج والمعتمرين بعد تضاعف الأعداد، وفرض الأمن وتأمين قوافل الحجاج والمعتمرين في عهد الدولة السعودية. واستكمل أعمال التوسعة السعودية الأولى الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - حيث تم توسعة المطاف، وأنشئ للمسعى 16 بابًا في الواجهة الشرقية، كما خصص للطابق العلوي مدخلان، أحدهما عند الصفا، والآخر عند المروة.
التوسعة السعودية الثانية وتجميل الرواق العباسي
قام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - بوضع حجر الأساس لتوسعة المسجد الحرام، وتضمنت التوسعة إضافة جزء جديد على مبنى المسجد الحرام من الناحية الغربية في منطقة السوق الصغير، بين باب العمرة وباب الملك. وتم تجديد الرواق العباسي وتركيب مراوح التبريد، وحوامل المصاحف، وتعليق النجف المذهب الفاخر، وتكسية الأرضيات بالرخام الأبيض. حيث تم زيادة التوسعة (76.000) م2 موزعة على الدور الأرضي، الأول، والقبو، والسطح، لتستوعب 152.000 مصل.
التوسعة السعودية الثالثة وفك وترميم وتركيب الرواق العباسي
دشن الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - أكبر توسعة في تاريخ الحرم المكي عبر مشروع متكامل لتطوير مكة المكرمة مهبط الوحي وتوسعة المسجد الحرام ورفع الطاقة الاستيعابية للحرم إلى مليون و600 ألف مصل خارج أوقات الذروة وتوسعة المطاف، والذي استلزم إزالته بشكل مؤقت حيث تم فكه بالكامل وتخزينه لحين الانتهاء من أعمال توسعة المطاف بشكلها الحالي، حيث تتضاعف الطاقة الاستيعابية للمطاف إلى ما يقارب ثلاثة أضعاف الطاقة الحالية ليتمكن 150 ألف شخص من الطواف كل ساعة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store