الملك فهد والفارسي والدحلان وجنوب جدة

رحم الله الملك عبدالعزيز وأسكنه فسيح جناته المؤسس لهذا الكيان العظيم المملكة العربية السعودية المترامية الأطراف، ورحم الله من تقلد الحكم من أبنائه من بعده الذين ساهموا في إكمال مسيرة البناء، ورحم الله الملك فهد وأسكنه فسيح جناته، فمنذ أن فوض بإدارة شؤون البلاد الداخلية منها والخارجية من قبل الملك خالد رحمه الله، فقد تولى مسيرة الدعم والبناء لجميع مدن المملكة خاصة مكة المكرمة والمدينة المنورة، وجدة والرياض والمنطقة الشرقية والجنوبية وغيرها من المدن، وسمّي بملك البناء.
الملك فهد رحمه الله هو أول من أسهم في تنفيذ أول استراتيجية للتنمية تهدف إلى إنشاء اقتصاد متنوع، وتقليل الاعتماد على النفط، وتوسيع القاعدة الصناعية، حيث صدر الأمر السامي الكريم رقم م/75 القاضي بتأسيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع وتتبعها سابك، وأُسند إليه تبعًا لذلك مهمة التأسيس والبناء رحمه الله، واستطاع وبمن معه من الوزراء المخلصين أمثال هشام ناظر، وغازي القصيبي رحمهما الله، ومحمد أبا الخيل وسليمان السليم وغيرهم من تحويل الجبيل وينبع من قريتين صغيرتين لصيد الأسماك إلى مدينتين صناعيتين حديثتين تضاهيان أكبر المدن الصناعية بالعالم. وفي عام 2002م تم إنشاء شركة مرافق تساهم فيها الحكومة ممثلة في الهيئة الملكية وصندوق الاستثمارات العامة، إضافة إلى شركة أرامكو وسابك، ورغم محاربة الغرب لإنشاء سابك خوفًا من غرق أسواقها بالبتروكيماويات إلا أن الملك فهد رحمه الله أصر على البناء والاستمرار (حياة في الادارة - غازي القصيبي) وأضحت سابك أسرع الشركات تطورًا في العالم.
الملك فهد رحمه الله ساهم في بناء المدن السعودية، ومنها مدينة جدة إحدى المدن التي حظيت بدعمه المباشر أيام أمينها طيب الذكر محمد سعيد فارسي، فشارع الستين الذي فتت أحياء عشوائية وبجسر طوله 12 كيلومترًا يربط المطار بالميناء بمكة المكرمة، والكورنيش الشمالي والجنوبي، وكل تلك الجسور والأنفاق وغيرها إنما بنيت بدعم شخصي ومباشر من الفهد رحمه الله. ولجنوب جدة قصة أخرى حيث كانت مدينة جدة تعاني من كوارث الحرائق في مستودعات التجار وأضحت تلك المستودعات تشكّل خطرًا داخل المدينة مما دفع إدارة الدفاع المدني إلى توجيه إنذار أمني للتجار بضرورة نقل مستودعاتهم إلى خارج المدينة، أعقب ذلك صدور أمر وزير الداخلية بنقل المستودعات لخارج المدينة، وكان أمين الغرفة التجارية آنذاك الدكتور عبدالله دحلان الذي أضحى في حيرة كان الحل للخروج منها التوسط لمنح التجار مدة عام لنقل مستودعاتهم، فكان أن تمكن الدكتور الدحلان من الحصول على استئجار أرض بمساحة مليوني متر مربع من أراضي المؤسسة العامة للموانئ بسعر رمزي مقداره ريال واحد! وهو في طريقه مع مدير ميناء جدة الإسلامي لمشاهدة الأرض غرزت بهم السيارة في الرمال، اتصل بي الدكتور عبدالله وطلب مني التحدث مع المهندس محمد سعيد فارسي وشرح له وضع الأرض ومدى إمكانية البلدية في سفلتة الطريق ومدينة المستودعات وإنارتها، تحدثت مع الفارسي وحددت لقاء مع الدكتور الدحلان وتم اللقاء ورحب الفارسي بالمشروع؛ ولكنه اعتذر عن عدم تمكن البلدية من سفلتة المشروع لعدم توفر المبالغ المالية ولكنه وعد بزيارة الغرفة ولقاء الشيخ إسماعيل أبوداود، ليتوسط لدى الأمير فهد بن عبدالعزيز لاعتماد المبلغ، التقى بالشيخ أبوداود والدحلان وأعضاء الغرفة وطلب منهم إعداد خطاب للأمير فهد لشرح أبعاد المشروع وأهميته وكان المبلغ المطلوب هو مئة وعشرون مليون ريال تودع في ميزانية البلدية لهذا المشروع. توسط الفارسي لدى ولي العهد وحدد موعدًا والتقى الشيخ أبوداود والفارسي والدحلان بولي العهد وشرح الفارسي لسموه أهمية المشروع وضروريته فاقتنع الملك ثم اعتمد المبلغ، وتم تنفيذ المشروع وسفلتة شوارعه وإنارتها بل والشوارع والأحياء المحيطة به بجنوب جدة ناهيك عن سفلتة الكورنيش الجنوبي بأكمله.
هذه بعض رؤى الفارسي طيب الذكر والدكتور عبدالله دحلان الباني الحقيقي للبنى التحتية للغرفة التجارية بجدة.. وهذا للأمانة والتاريخ.