Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

روسيا وإيران ودبلوماسية اللعب على الوقت!

لا أحد يلعب على مسألة الوقت بمثل ما يلعب الروس والإيرانيون، وهناك تشابه بينهما في عمليَّة الاحتيال، وعنصر المباغتة، وإجادة المراوغة تجاه القرارات الدوليَّة لإلغائها، أو تجميدها، فاليابانيون ظلُّوا يحا

A A
لا أحد يلعب على مسألة الوقت بمثل ما يلعب الروس والإيرانيون، وهناك تشابه بينهما في عمليَّة الاحتيال، وعنصر المباغتة، وإجادة المراوغة تجاه القرارات الدوليَّة لإلغائها، أو تجميدها، فاليابانيون ظلُّوا يحاورون الروس منذ نهاية الحرب العالميَّة الثانية لاستعادة (جزر الكوريل)، ولكنَّهم لم يصلوا إلى حلٍّ رغم مضي أكثر من (70) عامًا على نهاية الحرب، وحينما وعد رئيس الوزراء الياباني الأسبق (ريوتارو هاشيموتو) مواطنيه في آخر زيارة له لروسيا إبَّان حكم (بوريس يلتسين) في التسعينيَّات الماضية بأنَّه لن يعود إليهم إلاَّ وبيده الحل، دعاه الرئيس الروسي إلى رحلة صيد بحريَّة يناقشان خلالها المشكلة، إلاَّ أنَّ (هاشيموتو) لم يعد من رحلة الصيد تلك إلاَّ بأربع سمكات! بينما اصطادت شباك (يلتسين)، (هاشيموتو) نفسه، وعاد بخفي حنين.
وكذلك هم الإيرانيون الذين يحتلّون الجزر الإماراتيَّة منذ عام 1971م، يلعبون على الوقت، ويرفضون حتَّى مجرد طرح قضيَّة الجزر أمام محكمة العدل الدوليَّة، ولم يبدوا مرونة تجاه مسألة حل مشكلة تلك الجزر بالحوار المباشر، ثم التحكيم الدولي، رغم امتلاك دولة الإمارات وثائق إيرانيَّة تؤكِّد تبعيَّة تلك الجزر لدولة الإمارات.
ويبدو أنَّ الإيرانيين تتلمذوا على يد الروس، وأتقنوا الدرس جيدًا، فما يجري في سوريا، وكذلك ما يجري في اليمن، هما خلاصة تلك الدروس التي ذاكروها جيدًا، والتي من أهم عناصرها (اللعب بالوقت)، فالروس استفادوا من تطبيق هذه النظريَّة في سوريا، حيث تمَّ تخدير العرب والغرب معًا باتباع سياسة الحوار بين الأطراف المتنازعة، فأمسى العالم موافقًا على الحوار، وأصبح على (سوريا محتلة)، طائرات رابضة في قاعدة (حيميم)، وسفن حربيَّة تملأ مياه (طرطوس)، وعشرات الآلاف من الجنود الإيرانيين والأفغان والباكستانيين زُجَّ بهم إلى أماكن الصراع في الأراضي السوريَّة.
ليس هذا فحسب، بل إن بوتين أصبح يتصرَّف وكأنَّه رئيس سوريا غير المتوَّج، حيث قرَّر بوتين، مع نظيره الرئيس نيتنياهو إجراء مناورة عسكريَّة مشتركة في البحر الأبيض المتوسط بسلاحي البحريَّة والجو الإسرائيلي والروسي، تنطلق فيها الطائرات الروسيَّة من الأراضي السوريَّة، بينما تبحر سفنها البحريَّة من قواعدها في طرطوس، أرأيتم كيف يجيد الروس اللعب على الوقت؟ إنَّه نفس السيناريو الذي يلعبه الإيرانيون هذه الأيام في اليمن، رفضًا لقرارات الأمم المتحدة الصادرة والمؤيِّدة للشرعيَّة، وهدنة بعد هدنة لتجميع الصفوف، وإطلاق صواريخ باليستيَّة على المملكة.
ولا أعرفُ السرَّ وراء الموافقة على إجراء محاورات مع الانقلابيين، رغم أنَّ الشرعيَّة تملك في يدها قرار الأمم المتحدة، الذي يخوِّلها انتزاع الحق بقوة السلاح.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store